للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمْلَاكِ لَاحْتِيجَ عِنْدَ شِرَائِهَا وَالْعَقْدِ عَلَيْهَا إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَا لَهَا مِنْ أَرْضِ النَّهْرِ وَالْمَجْرَى الْوَاصِلِ مِنْهُ إلَيْهِ وَلَمَّا صَحَّ الشِّرَاءُ إلَّا بِذَلِكَ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَفْعَلُ ذَلِكَ. وَمِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا يَقُولُ ذَلِكَ وَيُبْعِدُ حَدًّا وَلَا يَنْحَصِرُ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهُ.

وَمِنْهَا أَنَّ فِيهِ تَعْطِيلَ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ لِحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ الْمَوْجُودِينَ وَاَلَّذِينَ سَيُوجَدُونَ وَمِنْهَا أَنْ يَلْزَمَ تَمْكِينُ أَهْلِ الْأَمْلَاكِ مِنْ مَنْعِ مَنْ يَشْرَبُ أَوْ يَسْتَعْمِلُ مِنْ تِلْكَ الْأَنْهَارِ.

وَهَذِهِ الْأُمُورُ كُلُّهَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ نَشَأَتْ مِنْ الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً وَالْقَوْلُ بِإِثْبَاتِ اخْتِصَاصٍ مِنْ غَيْرِ مِلْكٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَفَاسِدِ فَهَذَا حُكْمُ الْقَرَارِ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْهِ، وَيَظُنُّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ نَهْرَ يَزِيدَ إنَّمَا حَفَرَهُ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ مَكْحُولٍ سَأَلَ عَنْ نَهْرِ يَزِيدَ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ أَنَّهُ كَانَ نَهْرًا بِبَنَاطِيًّا يُسْقِي ضَيْعَتَيْنِ لِقَوْمٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قُوفَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ لِأَحَدٍ شَيْءٌ غَيْرُهَا فَمَاتُوا زَمَنَ مُعَاوِيَةَ مِنْ غَيْرِ وَارِثٍ فَأَخَذَ مُعَاوِيَةُ ضِيَاعَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَلَمَّا وَلِيَ يَزِيدُ نَظَرَ إلَى أَرْضٍ وَاسِعَةٍ لَيْسَ لَهُ فِيهَا مَاءٌ وَكَانَ بِهَدْيِنَا فَنَظَرَ إلَى النَّهْرِ فَإِذَا هُوَ صَغِيرٌ فَأَمَرَ بِحُفْرَةٍ فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْغُوطَةِ فَتَلَطَّفَ عَلَى أَنْ ضَمِنَ لَهُمْ خَرَاجَ سَنَتِهِمْ مِنْ مَالِهِ فَأَجَابُوهُ إلَى ذَلِكَ فَاحْتَفَرَهُ سِتَّةَ أَشْبَارٍ فِي عُمْقِ سِتَّةِ أَشْبَارٍ وَلَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فَلَمَّا وَلِيَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ سَأَلَهُ أَهْلُ حَرَسْتَا شِرْبَ شِفَاهِهِمْ وَمَاءً لِمَسْجِدِهِمْ فَكَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ عَاتِكَةَ ابْنَةَ يَزِيدَ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَتْهُ عَلَى أَنْ احْتَفِرْ سَاقِيَةً تَجْرِي إلَيْهِمْ لِلشُّرْبِ وَفَتَحَ لَهُمْ حَجَرًا فِتْرًا فِي فِتْرٍ مُسْتَدِيرٍ وَسَأَلَهُ مَوْلَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَنْ يُجْرِيَ لَهُ شَيْئًا يَسْقِي ضَيْعَتَهُ فَأَجَابَهُ وَفَتَحَ لَهُ مَاصِيَةً، ثُمَّ سَأَلَهُ خَالُهُ فَفَتَحَ لَهُ مَاصِيَةً قَالَ: وَقَلَّ الْمَاءُ فِي الْعَيْنِ لِكِرَائِهَا فَدَخَلُوا لِكِرَائِهَا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إذَا هُمْ بِبَابٍ مِنْ حَدِيدٍ مُشَبَّكٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ مِنْ كُوًى فِيهَا يَسْمَعُونَ دَاخِلَهَا خَرِيرَ مَاءٍ كَثِيرٍ وَيَسْمَعُونَ صَوْتَ اضْطِرَابِ السَّمَكِ فِيهَا فَكَتَبُوا إلَى سُلَيْمَانَ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يُخْرِجُوا شَيْئًا وَأَنْ يَكْرُوا بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَكْرَوْا وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ إلَى وِلَايَةِ هِشَامٍ فَشَكَا أَهْلُ بَرَدَا إلَيْهِ قِلَّةَ الْمَاءِ فَأَمَرَ الْقَسَمَ بْنَ زِيَادٍ أَنْ يُمَيِّزَ لَهُمْ الْأَنْهَارَ فَمَازَهَا فَأَعْطَى أَهْلَ نَهْرِ يَزِيدَ سِتَّةَ عَشْرَ مِسْكَبَةً وَالْفَرْقَ الْكَبِيرَ وَهُوَ نَهْرُ الْمِزَّةِ خَمْسَ مَسَاكِبَ وَالْفَرْقَ الصَّغِيرَ وَهُوَ نَهْرُ الْقِيرَاطِ أَرْبَعَ مَسَاكِبَ وَنَهْرُ دَارَيَّا سِتَّ عَشْرَةَ مِسْكَبَةً وَنَهْرُ ثَوْرَا اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مِسْكَبَةً وَفِيهِ يَوْمُئِذٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مَاصِيَةً وَلَيْسَ عَلَيْهَا رَحًا، وَنَهْرُ قِينِيَّةَ إحْدَى عَشْرَةَ مِسْكَبَةً وَنَهْرُ بَانْيَاسَ ثَلَاثِينَ مِسْكَبَةً وَجُعِلَتْ مِسْكَبَةٌ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَثَلَاثُ مَسَاكِبَ حَلَّتْ لِلْفَضْلِ بْنِ صَالِحٍ الْهَاشِمِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَنَهْرُ مَجْدُولَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مِسْكَبَةً وَنَهْرُ دَاعِيَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>