للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى نِسْبَةِ مَقَادِيرِ مَعْلُومِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَعْلُومٌ مُقَدَّرٌ صُرِفَ الْحَاصِلُ عَنْ السَّنَتَيْنِ جَمِيعًا بِالسَّوِيَّةِ فَنِصْفُهُ لِكُلِّ مَنْ حَضَرَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَنِصْفُهُ لِمَنْ حَضَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَلَا يُعْطِي لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْ فِي إحْدَى السَّنَتَيْنِ مِنْ سَهْمِ الْأُخْرَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا وَيُخَبِّطُ النَّاسُ فِيهَا وَقَلِيلٌ مَنْ يَعْرِفُهَا وَهَذَا الَّذِي لِي عَلَيْهِ فِيهَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ هُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُغَلٍّ أَنْ يُصْرَفَ عَنْهَا بَلْ قَدْ يُصْرَفُ عَنْهَا وَعَمَّا بَعْدَهَا وَلَا يُصْرَفُ عَمَّا قَبْلَهَا إلَّا إذَا اتَّحَدَ الْمُسْتَحَقُّ وَكَذَا حُكْمُ الشَّهْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ) .

رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ.

وَقَدْ كَتَبَ جَمَاعَةٌ عَلَيْهَا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِالْبُطْلَانِ فَقُلْت لِلْمُسْتَفْتِي أَنَا مُخَالِفٌ لَهُمْ وَأَقُولُ: إنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدْ مَاتَ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنَّمَا قُلْت ذَلِكَ؛ لِأَنِّي أُبْطِلُ قَوْلَهُ وَقَفْت عَلَى نَفْسِي وَلَا أُصَحِّحُ الْوَقْفَ الْمُنْقَطِعَ الْأَوَّلَ وَلَكِنْ أَجْعَلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الذُّرِّيَّةِ كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً: وَقَفْت بَعْدَ مَوْتِي.

وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي عَشَرَ فِي بَابِ إخْرَاجِ الْمُدَبَّرِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَجَعَلَ مِنْ جُمْلَةِ الرُّجُوعِ فِي التَّدْبِيرِ لَوْ وَقَفَهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ الرَّجُلُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ هَذَا لَفْظُهُ فِي الْأُمِّ وَهُوَ شَاهِدٌ لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ فَإِنَّ فِي الرَّافِعِيِّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى زَمَنَ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَفْتَى الْأُسْتَاذُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسَاعَدَهُ أَئِمَّةُ الزَّمَانِ وَهَذَا كُلُّهُ وَصِيَّةٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الدَّارَ عَلَى الْبَيْعِ صَارَ رَاجِعًا فِيهِ انْتَهَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.

وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ الْأُسْتَاذُ وَأَئِمَّةُ الزَّمَانِ مَنْصُوصٌ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ هُوَ تَعْلِيقًا أَعْنِي لَيْسَ مُسَاوِيًا لِقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت؛ لِأَنَّ دَلِيلَ ذَلِكَ تَعْلِيقُ الْإِنْشَاءِ وَفِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ نَظَرٌ وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَقَفْت بَعْدَ مَوْتِي تَنْجِيزَ الْوَصِيَّةِ بِوَقْفِهَا الْآنَ وَفِي هَذَا بَحْثٌ طَوِيلٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ وَالْقَصْدُ هُنَا أَنَّهُ لَا تُوقَفُ فِي أَنَّهُ وَصِيَّةٌ فَكَذَلِكَ الْوَقْفُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ هُنَا وَإِنَّمَا قُيِّدَتْ بِخُرُوجِهِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ فَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ صَحَّ مِنْهُ مَا خَرَجَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ بَطَلَ بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَإِنَّمَا قُلْت الذُّرِّيَّةُ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ لِئَلَّا يَكُونَ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِهِ فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>