للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَرْجَحَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَهُوَ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي فَخَصَّصَهَا بِغَيْرِ الْوَارِثِ فَكَذَلِكَ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّهَا تَشْمَلُ الْجَمِيعَ ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُ الْوَارِثِ وَيَبْقَى الْبَاقِي لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ مِثْلَهُ يَجْرِي فِي الْوَاقِفِ أَوْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ فِي الْوَصِيَّةِ تَقْتَضِي إرَادَةَ غَيْرِ الْوَارِثِ وَالْقَرِينَةُ فِي الْوَقْفِ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ بَلْ تَقْتَضِي التَّعْمِيمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ وَهُوَ الَّذِي عِنْدِي أَنَّ هَذَا لَا جَرَيَانَ لَهُ فِي الْوَقْفِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ يُبْعِدُ الْمُوصَى لَهُ كَالْبَيْعِ فَيَبْطُلُ فِيمَا يَبْطُلُ وَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَمَّا الْوَقْفُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِيمَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُ أَمْ لَا فَلَا يُرَادُ بِهِ التَّوْزِيعُ، وَلِهَذَا مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ اسْتَحَقَّ الْبَاقُونَ مَا كَانَ لَهُ فَهِيَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْوَارِثُ كَأَنَّهُ خَارِجٌ مِنْهَا بِوَصْفٍ قَائِمٍ فَيَنْحَصِرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْبَاقِي.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ وَتَوَقُّفٌ وَقَدْ جَمَعْت أَوْرَاقًا تَتَضَمَّنُ مَبَاحِثَ وَنُقُولًا.

(مَسْأَلَةٌ) أَوْصَتْ أُمٌّ الْمَلِكَ السَّعِيدَ أَنْ يُوقَفَ عَنْهَا وَوَقَفَ عَنْهَا وَوَقَفَ ثُلُثَاهُ عَلَى التُّرْبَةِ وَالْمَدْرَسَةِ الظَّاهِرِيَّةِ بِدِمَشْقَ وَالثُّلُثَ عَلَى سِتَّةِ خُدَّامٍ مُعَيَّنِينَ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ نَزَلَ النَّاظِرُ مَكَانَهُ خَادِمًا مِنْ عُتَقَاءِ الظَّاهِرِ وَلَا السَّعِيدِ فَمَاتَ السِّتَّةُ وَنَزَلَ مَكَانَهُمْ إلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عُتَقَاءِ الظَّاهِرِ وَلَا السَّعِيدِ إلَّا خَادِمٌ وَاحِدٌ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَالشَّرْطُ أَنَّهُ إذَا انْقَرَضَ الْخُدَّامُ رَجَعَ إلَى التُّرْبَةِ وَالْمَدْرَسَةِ؟ .

(فَأَجَبْت) أَنَّ الْخَادِمَ الْمَذْكُورَ إذَا نَزَّلَهُ النَّاظِرُ جَازَ صَرْفُ الْجَمِيعِ إلَيْهِ وَلَا تَسْتَحِقُّ الْمَدْرَسَةُ وَالتُّرْبَةُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِهِ، وَمُسْتَنَدِي فِي ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهَا عَامٌّ وَالْخَادِمُ الْبَاقِي يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا عَنْ السِّتَّةِ. وَقَوْلُهُ إذَا انْقَرَضَتْ الْخُدَّامُ كَانَ لِلْمَدْرَسَةِ يَشْمَلُ الْخُدَّامَ السِّتَّةَ وَجَمِيعَ مَنْ كَانَ خَادِمًا مِنْ عُتَقَاءِ الظَّاهِرِ أَوْ السَّعِيدِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ تَنْزِيلِهِ مَوْضِعَ السِّتَّةِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَوْتِهِمْ بَلْ سَوَاءٌ أَكَانَ كَذَلِكَ أَمْ بَعْدَ مُدَّةٍ، وَلَوْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمْ جَمَاعَةٌ صَحَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْآنَ مَنْزِلًا مَكَانَ السِّتَّةِ الْأَوَّلِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.

(مَسْأَلَةٌ) وَقَفَ الْفَخْرُ نَاظِرُ الْجَيْشِ وَقْفًا عَلَى مُدَرِّسٍ وَطَلَبَةٍ يُلْقُونَ دَرْسًا بِجَامِعِ مِصْرَ الْجَدِيدِ الَّذِي عَلَى الْبَحْرِ فَنَقَصَ الْوَقْفُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَرَادَ مُدَرِّسُهُ وَهُوَ ابْنُ بزمرت نَقْلَ الدَّرْسِ إلَى الْجَامِعِ الْعَتِيقِ بِمِصْرَ فَاسْتَفْتَى فِي ذَلِكَ فَأَفْتَاهُ بَعْضُ الْمُتَسَمَّيْنَ بِاسْمِ الْفُقَهَاءِ لَا بَلْ المُتَزَيِّينَ بِزِيِّهِمْ بِالْجَوَازِ، وَأَكْثَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ فَقَاقِعَ وَسَفَاسِفَ لَا حَاصِلَ تَحْتَهَا وَزَعَمَ بِجَهَلَةٍ أَنَّ ذَلِكَ تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ بَلْ قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ لِأَوْجُهٍ ثَلَاثَةٍ:

(أَحَدُهَا) تَقْدِيمُ الرَّاجِحِ عَلَى الْمَرْجُوحِ.

(الثَّانِي)

<<  <  ج: ص:  >  >>