للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَهْرٍ مَحَلًّا لِصَرْفِ الثُّلُثَيْنِ لِلْقُرَّاءِ فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يُكْمِلُ لِلْقُرَّاءِ وَيَسْتَدْرِكُ لَهُمْ مَا فَاتَهُمْ وَلَا يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْقُرَّاءِ شَيْءٌ مُتَأَخِّرٌ لَكِنَّ هَذَا قَدْ يَجُرُّ إشْكَالًا فَإِنَّ الْمَوْقِفَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي مُدَّةٍ يَحْصُلُ مِنْهُ مَا يُوَفِّي الْمَاضِي وَزِيَادَةً وَقَدْ يَخْلُو بَعْضُ الشَّهْرِ وَيُوَفِّي الْبَاقِي بِالثُّلُثَيْنِ. وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا اعْتَبَرَ الْمُشَاهَرَةَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَيُكْمِلُ لِلْقُرَّاءِ مِنْ تَارِيخِ وَقْفِهِ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ مَسْكُونًا يَأْتِي مُغَلُّهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَيُصْرَفُ لِلْقُرَّاءِ فِي الشَّهْرِ ثَلَاثُونَ وَبَاقِيهِ لِلْفُقَرَاءِ وَهَكَذَا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ لَا يَخْتَلِفُ حَالُهُ فِي الْعَادَةِ فَإِذَا اتَّفَقَ تَعَطَّلَ شَهْرٌ عَلَى نُذُورٍ إمَّا لِخُلُوٍّ وَإِمَّا لِعِمَارَةٍ فَاتَ عَلَى الْجَمِيعِ، وَإِنْ كَانَ مُغَلُّهُ يَأْتِي مُسَانَهَةً كَالْأَرَاضِيِ الْمُزْدَرِعَاتِ فَإِذَا جَاءَ مُغَلُّ السَّنَةِ يُقْسَمُ عَلَى السَّنَةِ كُلِّهَا فَيُعْطِي مِنْهُ لِلْقُرَّاءِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثُونَ وَمَا فَضَلَ لِلْفُقَرَاءِ، وَهَكَذَا دُورُ مَكَّةَ الَّتِي تُكْرَى أَيْ تُكْرَى فِي أَيَّامِ الْمَوْسِمِ بِقَدْرِ مَا تُكْرَى فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ لَا يَفُوتُ عَلَى الْقُرَّاءِ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ بَلْ تُحْسَبُ جَمِيعُ السَّنَةِ فَيُصْرَفُ مِنْهَا مَعْلُومَاتٌ لِسَنَةٍ كَامِلًا وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ وَهَكَذَا الدُّورُ الَّتِي عَلَى الْبَحْرِ فِي مِصْرَ وَالْبَسَاتِينِ الَّتِي فِي دِمَشْقَ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا فِي بَعْضِ السَّنَةِ تُكْرَى وَفِي بَعْضِهَا لَا تُكْرَى أَوْ تُكْرَى بِأُجْرَةٍ بَخْسٍ فَإِذَا اعْتَبَرْنَا بَاقِي السَّنَةِ كَانَ ذَلِكَ عَدْلًا وَقَدْ يَكُونُ الْمَوْقُوفُ أَرْضًا لَا تَغُلُّ إلَّا فِي سِنِينَ وَتَمْحُلُ مُدَّةً وَلَا يَنْضَبِطُ أَمْرُهَا فَهَذِهِ أَمْرُهَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الَّذِي يَأْتِي مُسَانَهَةً قَدْ ذَكَرْنَا أَمْرَهَا وَالسَّنَةُ فِيهَا كَالشَّهْرِ فِيمَا قَبْلَهَا حَتَّى إذَا أَمْحَلَتْ سَنَةً عَلَى نُذُورٍ فَاتَتْ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا قُلْنَا فِي الشَّهْرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ، وَأَمَّا الَّتِي لَا ضَابِطَ لَهَا فَكَيْفَ يَصْنَعُ فِيهَا؟ وَاَلَّذِي أَرَاهُ اتِّبَاعُ اللَّفْظِ فَيُكْمِلُ الْقُرَّاءَ مِنْ تَارِيخِ وَقْفِ الْوَاقِفِ مَتَى حَصَلَ مُغَلٌّ يُصْرَفُ مِنْهُ مَا لَهُمْ مُنْكَسِرٌ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمَا بَقِيَ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ يَبْقَوْنَ عَلَى رَجَاءِ بُعْدِ ذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى النَّاظِرُ أَنْ يَدَّخِرَ مِنْ الْبَاقِي مَا يَصْرِفُهُ لِلْقُرَّاءِ فِي الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهَا مُغِلٌّ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ عُذْرًا فِي عَدَمِ الصَّرْفِ لِلْفُقَرَاءِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَيَتَوَفَّرُ بِهِ عَلَيْهِمْ مَا يُصْرَفُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْغَلَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. هَذَا الَّذِي ظَهَرَ فِي ذَلِكَ. وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فَرْعًا لِابْنِ الْحَدَّادِ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِدِينَارٍ كُلَّ شَهْرٍ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ أَوْ كَسْبِ عَبْدِهِ وَجُعِلَ بَعْدَهُ لِوَارِثِهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ عَشْرَةً مَثَلًا وَاعْتِبَارُهَا مِنْ الثُّلُثِ كَاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا بَعْضَ الدَّارِ وَيَدْعُوا مَا تَحَصَّلَ مِنْهُ دِينَارٌ وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ قَدْ تَنْقُصُ، هَذَا إذَا أَرَادُوا بَيْعَ بَعْضِهَا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فَأَمَّا بَيْعُ مُجَرَّدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>