الْفَتْحِ عَبْدِ اللَّهِ يُفِيدُ تَأْخِيرَهُ عَنْ انْقِرَاضِ نَسْلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: الشَّرْطُ شَيْئَانِ: مَوْتُ أَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نَسْلٌ وَلَا وَلَدٌ وَمَجْمُوعُ الظَّهْرِ لَا يُبْعِدْ تَأْخِيرَهُمَا وَذَلِكَ بِتَأَخُّرِ الثَّانِي كَمَا سَنُقَرِّرُهُ؛ وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَلَدٌ يَتَّصِلُ نَسَبُهُ إلَيْهِ بِالْآبَاءِ.
هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حَالًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ وَجَعْلُهَا حَالًا يَقْتَضِي التَّقْيِيدَ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يَحُوجُ إلَى تَقْدِيرٍ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ فَإِنْ جَعَلْنَاهَا حَالًا اقْتَضَى أَنْ لَا يَكُونَ لِأَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ اللَّهِ وَلَدٌ وَلَا نَسْلٌ حِينَ مَوْتِهِ وَقَدْ قُلْنَا: إنَّ هَذَا يُبْعِدُهُ إحْوَاجُهُ إلَى تَقْدِيرٍ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَيُبْعِدُهُ أَيْضًا مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ يَقْتَضِي تَأَخُّرَهُمْ عَنْ زَمَانِ مَا قَبْلَهَا وَيَقْتَضِي أَنَّ اعْتِبَارَ الشَّرْطَيْنِ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوْلَادِ وَنَسْلِهِمْ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ وَهُوَ أَوْلَى اقْتَضَى ذَلِكَ اعْتِبَارَ الشَّرْطَيْنِ مَتَى وُجِدَا وَالشَّرْطَانِ قَدْ يُوجَدَانِ مَعًا وَقَدْ يُوجَدَانِ مُتَرَتِّبَيْنِ فَيَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِهِمَا.
(النَّظَرُ السَّادِسُ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَوْلَى جَعْلُ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ لِمُجَرَّدِ الشَّرْطِ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ فَيَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى أَحَدِهِمَا إنْ تَرَتَّبَا وَسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَيْهِمَا وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يُوجَدَا مَعًا دَفْعَةً وَاحِدَةً أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ قَدْ يَكُونَانِ وُجُودِيَّيْنِ كَقَوْلِنَا: إنَّ مَنْ أُحْصِنَ وَزَنَى فَارْجُمْهُ فَيَصِحُّ عَلَى الزَّانِي الْمُحْصَنِ أَنَّهُ أُحْصِنَ ثُمَّ زَنَى، وَإِنْ كَانَ الْإِحْصَانُ وَالزِّنَا فِي وَقْتَيْنِ وَصِدْقُ الْمَجْمُوعِ عِنْدَ صِدْقِ الثَّانِي مِنْهُمَا بِمَعْنَى صِدْقِ مُضِيِّهِمَا لَا بِمَعْنَى صِدْقِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الزِّنَا لَمْ يَكُنْ نَفْسَ الْإِحْصَانِ بَلْ أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا وُجُودِيًّا وَالْآخَرُ عَدَمِيًّا كَقَوْلِنَا: مَنْ أَتَى كَبِيرَةً وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فَهُوَ فَاسِقٌ فَهَذَا الْحُكْمُ حَاصِلٌ لِكُلِّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً وَلَمْ يَتُبْ مُنْتَفٍ عِنْدَ انْتِفَاءِ الْكَبِيرَةِ أَوْ عِنْدَ وُجُودِ التَّوْبَةِ وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ الْحَادِثِ مَشْرُوطٌ بِمَوْتِ أَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَدَمِ ذُرِّيَّتِهِ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى وَلَدِهِ بِالْآبَاءِ، وَالْآنَ صَدَقَ هَذَانِ الْأَمْرَانِ أَمَّا صِدْقُ قَوْلِنَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا صِدْقُ قَوْلِنَا: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَيَحْتَاجُ إلَى تَقْرِيرٍ ثَانٍ فِي النَّظَرِ الَّذِي بَعْدَهُ.
(النَّظَرُ السَّابِعُ) قَوْلُنَا: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ نَفْيٌ لِلْمَاضِي وَيَنْقَلِبُ الشَّرْطُ مُسْتَقْبَلًا وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي صِدْقِهِ فِي زَمَنٍ مَا مِنْ الْأَزْمِنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ التَّوَقُّفُ فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ نَجْعَلْ الْجُمْلَةَ حَالِيَّةً؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ حِينَئِذٍ أَنَّ لَهُ وَلَدًا وَمَتَى صَدَقَ الْإِثْبَاتُ فِي وَقْتٍ كَذَبَ السَّلْبُ فِي عُمُومِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّ الْإِثْبَاتَ الْجُزْئِيَّ يُنَاقِضُهُ السَّلْبُ الْكُلِّيُّ وَأَحَدُ الشَّرْطَيْنِ الَّذِي عَلَّقَ عَلَيْهِ هُوَ السَّلْبُ الْكُلِّيُّ؛ لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute