انْقَضَى الْوَلَدُ وَلَا وَلَدَ لَهُ هَلْ يَسْتَحِقُّ الْحَادِثُ؟ هَذَا مَحَلُّ احْتِمَالٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ الْمُقَسَّمَ وَقْتُ مَوْتِ عَبْدِ اللَّهِ فَالْمُعْتَبَرُ عَدَمُ الْوَلَدِ فِيهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْحَادِثِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِالِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَدَمَ عِلَّةً وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ وَلَدٌ فَلِلْحَادِثِ وَإِنْ وُجِدَ فَلِلْوَاحِدِ كَانَ فِيهِ الِاحْتِمَالَانِ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ أَمَّا صِيغَةُ الْوَقْفِ وَهُوَ قَوْلُهُ: بَعْدَ أَبِي الْفَتْحِ لِوَلَدِهِ ثُمَّ لِنَسْلِهِ فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَا جَاءَتْ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ نَسْلِ أَبِي الْفَتْحِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الزَّمَانَ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا هُوَ زَمَانُ انْقِرَاضِ نَسْلِ أَبِي الْفَتْحِ وَأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ مَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ مَعَهَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ يَنْقَرِضُ نَسْلُهُ وَهُوَ بَاقٍ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْحَادِثِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَوْتُهُ وَالثَّانِي: انْقِرَاضُ نَسْلِهِ، هَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ هَذَا الْوَقْفِ قَبْلَ اتِّصَالِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَوْ كَانَ الْحَاكِمُ حَكَمَ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ ذُرِّيَّةِ الْحَادِثِ أَوْ ذُرِّيَّةِ طَاهِرٍ وَعَبْدِ الْمَجِيدِ صَعُبَ النَّقْضُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمُحْتَمَلٍ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ بَلْ حَكَمَ لِبَنِي أَخِيهِ بَهَاءِ الدِّينِ فَالنَّظَرُ فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: سَبَبُ حُكْمِهِ لِهَؤُلَاءِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حِرْمَانِ الْأَوَّلِينَ اسْتِحْقَاقُ هَؤُلَاءِ بَلْ يَكُونُ إذَا قِيلَ بِحِرْمَانِ الْأَوَّلِينَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ، وَذَلِكَ أَنَّا إنْ قُلْنَا: الثَّالِثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَهُوَ مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ بَيْنَ ذُرِّيَّةِ أَبِي الْفَتْحِ وَذُرِّيَّةِ السَّيِّدِ لَا تَسْتَحِقُّ ذُرِّيَّةُ السَّيِّدِ شَيْئًا مَا دَامَ وَلَدُ الْحَادِثِ وَوَلَدُ طَاهِرٍ وَعَبْدِ الْمَجِيدِ مَوْجُودِينَ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ الثَّالِثَ أَيْضًا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَوْتُ أَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْحَادِثِ وَذُرِّيَّةِ طَاهِرِ وَعَبْدِ الْمَجِيدِ فَلَا اسْتِحْقَاقَ لِأَوْلَادِ السَّيِّدِ شِهَابِ الدِّينِ فَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ بَيْنَ ذُرِّيَّةِ أَبِي الْفَتْحِ وَبَيْنَ الْفُقَرَاءِ فَلَا تَسْتَحِقُّ الطَّوَائِفُ الثَّلَاثُ قَبْلَ الْفُقَرَاءِ شَيْئًا فَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ السَّيِّدِ شِهَابِ الدِّينِ شَيْئًا، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا وَقَفَ اسْتِحْقَاقَ الْفُقَرَاءِ عَلَى انْقِرَاضِهِمْ دَلَّ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِمْ، وَهَذَا قَدْ قِيلَ بِهِ فِي وَجْهِ هَذَا الْمَذْهَبِ نَظِيرُهُ وَيُعَارَضُ هَذَا بِأَنَّهُ وَقَفَ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ السَّيِّدِ شِهَابِ الدِّينِ عَلَى انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ الْحَادِثِ وَذُرِّيَّةِ طَاهِرٍ وَعَبْدِ الْمَجِيدِ فَيَكُونُونَ بِهَذَا الْكَلَامِ بِعَيْنِهِ.
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنْ نَمْنَعَ أَنَّهُ وَقَفَ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ السَّيِّدِ شِهَابِ الدِّينِ عَلَى انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ الْحَادِثِ وَطَاهِرٍ وَعَبْدِ الْمَجِيدِ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ فَإِنْ انْقَرَضُوا وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ كَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى ذُرِّيَّةِ أَبِي الْفَتْحِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّهُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا غَيْرُهُمْ وَتَكُونُ الْجُمْلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَلَدِ الْحَادِثِ وَذُرِّيَّتِهِ وَالْجُمْلَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِطَاهِرٍ وَعَبْدِ الْمَجِيدِ وَذُرِّيَّتِهِمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute