للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ الْوَلَدِ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ التَّرْكِ وَانْتِقَالِ الْمَالِ بِالْإِرْثِ الَّذِي وُجُودُ الْوَلَدِ فِي تَنْقِيصِهِ وَعَدَمُهُ سَبَبٌ فِي زِيَادَتِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِالزَّمَانِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَا بِالزَّمَانِ الَّذِي بَعْدَهُ.

وَمِنْهَا قَوْلُ الْوَاقِفِ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِفُلَانٍ وَلَدٌ فَعَلَى فُلَانٍ، فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ حِينَ الْوَقْفِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ الْمُعَلَّقِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الْبَطْنِ الثَّانِي فَيَكُونَ الْمَعْنَى عِنْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فَلِفُلَانٍ، فَاقْتَضَى قَوْلُهُ: لِفُلَانٍ وَلَدٌ الزَّمَانَ الْحَاضِرَ لَا يَتَغَيَّرُ وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي زَمَانِ كَانَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ إنَّمَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ إذَا كَانَ دَالًّا عَلَى الْحَدَثِ وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى زَمَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الَّذِي اقْتَضَاهُ الْحَالُ تَارَةً الْحَاضِرُ عِنْدَ نُطْقِ الْمُتَكَلِّمِ وَتَارَةً غَيْرُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ عُمُومٌ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي تَعْلِيقًا بِمُسَمًّى صَدَقَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ فَيَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ صِدْقُ قَوْلِنَا: لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ النَّصِّ يَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي الْآيَةِ الْمَاضِيَةِ وَالتَّعْلِيقُ يَقْتَضِي الِاسْتِقْبَالَ.

قَوْلُ الْقَائِلِ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِزَيْدٍ وَلَدٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَدٌ فَمَتَى صَدَقَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ وَالْوَقْتُ هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَدْ دَلَّ الْحَالُ فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى أَنَّهُ وَقْتُ انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ أَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ اللَّهِ وَيَصْدُقُ، ثَمَّ إنَّهُ لَيْسَ لِأَبِي الْفَتْحِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٌ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ نَسْلٌ أَصْلًا لَكَانَ الْوَقْتُ الْمُعْتَبَرُ وَقْتَ مَوْتِهِ، وَقَدْ تَوَلَّدَ مِمَّا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا عُمُومَ فَرْعٌ صُورَتُهُ لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَعَلَى أَخِي فَمَاتَ وَلَدُهُ وَلَهُ حَمْلٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى وَلَدًا وَالْقِيَاسُ اسْتِحْقَاقُ أَخِيهِ مَسَائِلَ مِنْ الْحَالِ فَإِذَا وُلِدَ الْحَمْلُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ الْوَلَدُ وَيَنْقَطِعَ اسْتِحْقَاقُ الْأَخِ.

وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: وَقَفْت عَلَى وَلَدِي فَإِذَا مَاتَ فَعَلَى أَوْلَادِ أَخِي إنْ كَانَ لِأَخِي أَوْلَادٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَخِي أَوْلَادٌ فَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي. فَمَاتَ وَلَدُهُ وَلَا وَلَدَ لِأَخِيهِ ثُمَّ حَدَثَ لِأَخِيهِ وَلَدٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ وَإِنَّ كَلَامَهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ وُجُودَ الْوَلَدِ سَبَبٌ لِشَيْءٍ وَعَدَمَهُ سَبَبٌ لِشَيْءٍ آخَرَ فَيُعْتَبَرُ كُلُّ سَبَبٍ بِحُكْمِهِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي زَمَانِ قَوْلِنَا: لَهُ وَلَدٌ، مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُتَكَلِّمِ وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ وَقْتَ كَلَامِهِ وَتَارَةً يَكُونُ غَيْرَهُ بِحَيْثُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

فَفِي مَسْأَلَتِنَا لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ فِي الْأَوَّلِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ أَبِي الْفَتْحِ عَبْدِ اللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَعَلَى الْحَادِثِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْئًا وَكَانَ لَهُ وَلَدٌ فَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَادِثَ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ الْوَلَدِ شَيْئًا فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>