للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت نُجَادِلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْ صَحَّ يَكُونُ النَّوَوِيُّ مَا وَقَفَ عَلَى ذَلِكَ الْفَصْلِ وَلَا سَأَلَ عَنْهُ وَهَذَا أَيْضًا إنْ كَانَ الْقَصْدُ لِرِقَّةٍ (؟) فَلَا شَيْءَ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ تَسْوِيَةَ الْأَخِ مِنْ الْأُمِّ بِالشَّقِيقِ وَالْخُرُوجَ عَنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فَيَبْرُزُ بِهِ حَتَّى نَسْمَعَ جَوَابَهُ وَلَا يَتَسَتَّرُ.

فَإِنْ قُلْت قَدْ قِيلَ عَنْهُ إنَّهُ قَالَ كَيْفَ أَرْجِعُ عَنْ هَذَا الْحُكْمِ وَقَدْ حَكَمْت فِي عِشْرِينَ قَضِيَّةً مِثْلَ هَذِهِ.

قُلْت إنْ صَحَّ عَنْهُ فَهَذَا مَرَضٌ مَا لَهُ دَوَاءٌ.

فَإِنْ قُلْت فَمَا تَقُولُ فِي حُكْمِهِ لِلْمَيِّتِينَ.

قُلْت الْحُكْمُ بِالِانْتِقَالِ لِلْمَيِّتِ قَدْ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَوْفِيَةِ دُيُونِهِ وَوَصَايَاهُ وَانْتِقَالِ مَا يَفْضُلُ عَنْهُمَا لِوَارِثِهِ مِنْ الرُّبْعِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ فَالْحُكْمُ بِذَلِكَ يَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْوَارِثُ أَوْ وَكِيلُ أَحَدِهِمْ وَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ لَا لِلْمَيِّتِ وَإِنَّمَا الْحُكْمُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْمَيِّتِ طَرِيقًا، وَأَمَّا الْحُكْمُ بِانْتِقَالِ الْوَقْفِ حَتَّى يَنْتَقِلَ بَعْدَهُ لِلطَّبَقَةِ الَّتِي بَعْدَهُ فَيَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ يَتَلَقَّوْنَ عَنْهُ أَوْ عَنْ الْوَاقِفِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عَنْ الْوَقْفِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ بِالِانْتِقَالِ إلَى الْمَيِّتِ، إذَا عَرَفْتَ هَذَا فَالْحُكْمُ هَذَا بِانْتِقَالِ نَصِيبِ دُنْيَا إلَى أَخَوَاتِهَا الثَّلَاثِ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ بِفَرْضِ دَيْنٍ وَلَا وَصِيَّةٍ وَلَا إرْثٍ بَلْ قَالَ لِيَجْرِيَ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ؛ ثُمَّ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْمَحْكُومَ لَهُ فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُدْعَى وَلَا يُسْتَرُ، وَقَدْ نَصَّتْ الْحَنَابِلَةُ الَّذِينَ هَذَا الْحَاكِمُ مُتَمَذْهِبٌ بِمَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْحُكْمِ مِنْ سُؤَالِ الْمَحْكُومِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَا يُسْتَوْفَى بِدُونِ إذْنِهِ وَالْمُتَكَلِّمُ هُنَا السَّائِلُ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنَّمَا لَعَلَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْأَوْلَادِ فَكَانَ يَنْبَغِي التَّصْرِيحُ بِالْحُكْمِ لَهُمْ فَالْأَحْيَاءُ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْحُكْمِ لَهُمْ وَالْمَوْتَى لَا يَصِحُّ الْحُكْمُ لَهُمْ فَكَيْفَ هَذَا الْحُكْمُ.

فَإِنْ قُلْت إنَّ الَّتِي تَدَّعِي أَنَّهَا لَمْ تَحْضُرْ عِنْدَ هَذَا الْحَاكِمِ وَلَا وَكِيلُهَا.

قُلْت هَذِهِ عِنْدَهُ آحَادٌ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ لَهَا وَكِيلٌ حَاضِرٌ فَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَيْهَا إلَّا بِحُضُورِهَا أَوْ حُضُورِهِ وَالدَّعْوَى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ الْيَدِ وَهِيَ الْخَصْمُ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً وَلَا وَكِيلَ لَهَا فَعِنْدَنَا يَجُوزُ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَاكِمُ اعْتَبَرَ ذَلِكَ وَاسْتَوْفَى شُرُوطَهُ صَحَّ الْحُكْمُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَعْنِي بِصِحَّةِ الْحُكْمِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَحْكُومُ بِهِ صَحِيحًا وَنَحْنُ قَدْ بَيَّنَّا مَا فِيهِ.

فَإِنْ قُلْت فَقَدْ نَفَّذَهُ حَنَفِيٌّ بَعْدَهُ.

قُلْت تَنْفِيذُ الْبَاطِلِ لَا يَجْعَلُهُ حَقًّا وَالْحَنَفِيُّ لَا يَرَى الْحُكْمَ عَلَى الْغَائِبِ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ لَمْ تَحْضُرْ وَلَا وَكِيلُهَا عِنْدَهُ لَمْ يَصِحَّ التَّنْفِيذُ وَأَيْضًا فَمَذْهَبُ الْحَنَفِيِّ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا إذَا نَفَّذَهُ غَيْرُهُ.

وَهَذَا الْحَنْبَلِيُّ حَكَمَ عَلَى غَائِبٍ وَمَا نَفَّذَهُ أَحَدٌ قَبْلَ الْحَنَفِيِّ فَلَمْ يَكُنْ لِلْحَنَفِيِّ تَنْفِيذُهُ لَوْ كَانَ صَحِيحًا فَكَيْفَ وَهُوَ بَاطِلٌ وَقَدْ حَضَرَ عِنْدِي هَذَا الْحَاكِمُ وَقَالَ لِي إنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>