للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُصْلِحٌ لِدِينِهِ وَمَالِهِ وَأَحَدُهُمَا مُصْلِحٌ لِدِينِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْآخَرِ فَهَلْ نَقُولُ إنَّهُ أَرْشَدُ؟

أَمَّا عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ فَنَعَمْ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ لَا؛ لِأَنَّ اسْمَ الرُّشْدِ خَارِجٌ عَنْ الصَّلَاحِ فَالصَّلَاحُ فِي الدِّينِ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فِيهِ فَقَدْ يَجُوزُ أَنَّ الرُّشْدَ طَبَقَاتٌ وَالنَّاسُ فِيهِ مُتَفَاوِتُونَ مُصْلِحٌ لِمَالِهِ فَقَطْ وَمُفَضَّلٌ عَلَيْهِ مُصْلِحٌ لِدِينِهِ وَمَالِهِ مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ فِي الدِّينِ مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ فِيهِمَا مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ فِي الدِّينِ وَهُوَ مُفَضَّلٌ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ عَكْسُهُ فَهَذِهِ ثَمَانِ مَرَاتِبَ اثْنَانِ مِنْهَا فِي أَصْلِ الرُّشْدِ وَإِنْ جُمِعَ فِي الْأَرْشَدِيَّةِ الْمُطْلَقَةَ وَثِنْتَانِ فِي الْأَرْشَدِيَّةِ مِنْ وَجْهٍ وَهُمَا الْأَخِيرَتَانِ وَالْأَرْبَعُ الْمُطْلَقَةُ وَاحِدَةٌ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَوَاحِدَةٌ مِنْهَا عَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ وَثِنْتَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَقَدْ رَقَّمْنَا عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الْأَخِيرَتَيْنِ وَبَقِيَتْ مَرْتَبَتَانِ لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمَا إحْدَاهُمَا الرُّشْدُ فِي الدِّينِ فَقَطْ وَالثَّانِيَةُ الْمُفَضَّلُ عَلَيْهِ.

وَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُمَا لِأَنَّ الْمَسْئُولَ عَنْهُ النَّظَرُ فِي الْأَوْقَافِ وَمَنْ لَا يُصْلِحُ مَالَهُ لَا يُصْلِحُ مَالَ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ مَثَلًا مَسْجِدًا شَرَطَ وَاقِفُهُ أَنْ يَكُونَ إمَامَهُ الْأَرْشَدُ مِنْ نَسْلِهِ احْتَمَلَ عِنْدِي أَنْ لَا يُجْعَلَ فِي الْمَالِ هُنَا اعْتِبَارٌ بَلْ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي الْإِمَامَةِ، وَهَذَا عَلَى مَا قَدَّمْت أَنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَبِذَلِكَ يَتِمُّ أَنَّ الرُّشْدَ عَشْرُ دَرَجَاتٍ.

(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ) أَنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ فِي النَّسْلِ رَشِيدٌ أَصْلًا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُمْ وَقَدْ يُوجَدُ فِيهِمْ رَشِيدٌ وَاحِدٌ فَهَلْ نَقُولُ لَا نَظَرَ لَهُ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ تَقْتَضِي الْمُشَارَكَةَ وَالْوَاحِدُ لَيْسَ مَعَهُ مَنْ يُشَارِكُهُ أَوْ نَقُولُ لَهُ النَّظَرُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِطُ التَّفْضِيلَ عِنْدَ الْمُشَارَكَةِ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مُشَارَكَةٌ اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ الْأَصْلِيَّةُ عَمَلُ النَّاسِ عَلَى الثَّانِي.

وَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَأَثْبَتَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ الْأَرْشَدُ اشْتَرَكُوا فِي النَّظَرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْلَالٍ إذَا وُجِدَتْ الْأَهْلِيَّةُ فِي جَمِيعِهِمْ فَإِنْ وُجِدَتْ فِي بَعْضِهِمْ اقْتَصَرَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ تَعَارَضَتْ فِي الْأَرْشَدِ وَتَسَاقَطَتْ وَبَقِيَ أَصْلُ الرُّشْدِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِرُشْدِ الْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَحُكْمُهُ التَّشْرِيكُ لِعَدَمِ الْمَرْتَبَةِ وَأَمَّا عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ فَكَمَا لَوْ فَرَضَ لِشَخْصٍ مُطْلَقًا.

قُلْت تَسَاقُطُهُمَا فِي الْأَرْشَدِ لَا شَكَّ فِيهِ وَالْعَمَلُ بِهِمَا فِي إثْبَاتِ الرُّشْدِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ فِي شَيْءٍ كَيْفَ تُقْبَلُ فِيمَا يَسْتَلْزِمُهُ وَمَوْضُوعُ الشَّهَادَةِ الْأَرْشَدِيَّةُ وَالرُّشْدُ إنَّمَا ثَبَتَ بِطَرِيقِ أَنَّ التَّفْضِيلَ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ وَزِيَادَةً، وَالْمَشْهُودُ بِهِ إنَّمَا هُوَ الزِّيَادَةُ وَقَوْلُهُ لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِرُشْدِ الْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ تَفْضِيلٍ حُكْمُهُ التَّشْرِيكُ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ لِلْأَرْشَدِ وَلَا أَرْشَدَ كَيْفَ يَسْتَحِقُّ.

فَهَذَا الِاسْتِحْقَاقُ لَيْسَ بِدَلَالَةِ قَوْلِ الْوَاقِفِ بَلْ بِعِلَّةٍ لِمَا فُهِمَ مِنْهُ مِنْ إنَاطَةِ النَّظَرِ بِالرُّشْدِ وَتَقْدِيمِ الْأَرْشَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>