للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرْطِ الْوَقْفِ عَدَمَ الرَّدِّ، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ، فَإِذَا رَدَّ تَبَيَّنَ أَنْ لَا وَقْفَ فَهَذَانِ احْتِمَالَانِ فِي أَنَّ الرَّدَّ هَلْ هُوَ مُبْطِلٌ لِلْوَقْفِ مِنْ أَصْلِهِ، أَوْ مِنْ حِينِهِ؛ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَهَلْ هُوَ مُبْطِلٌ لَهُ فِي حَقِّ الرَّادِّ خَاصَّةً، أَوْ مُطْلَقًا، وَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ خَلَا الْبَغَوِيَّ وَالْخُوَارِزْمِيّ أَنَّهُ مُبْطِلٌ لَهُ فِي حَقِّ الرَّادِّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَتَرَدَّدُ هَلْ هُوَ مُبْطِلٌ لِأَصْلِ الْوَقْفِ، أَوْ لَا.

وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ بَطَلَ حَقُّهُ عِبَارَةٌ مُجَوَّزَةٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَإِنَّهُ الْمُحَقِّقُ.

وَقَدْ ذَكَرَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ صُوَرِ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِالْكُلِّيَّةِ إذَا رَدَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ، وَذَكَرَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ فَرَدَّ الرَّجُلُ بَطَلَ فِي حَقِّهِ، وَفِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ قَوْلَانِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَيُبْعِدُهُ أَنَّهُ قَدَّمَ الْمُنْقَطِعَ الْأَوَّلَ وَأَنَّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا مِنْ صُوَرِ الْمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ، وَيَكُونُ قَدْ ذَكَرَ أَنْوَاعَ الِانْقِطَاعِ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمَا حَيْثُ ذَكَرُوهَا مِنْ صُوَرِ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي حَقِّ الْفُقَرَاءِ، وَيَكُونُ مَصْرِفُهُ الْآنَ مَصْرِفَ الْمُنْقَطِعِ الْأَوَّلِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا ذَكَرَ الْمُنْقَطِعَ الْأَوَّلَ وَالْخِلَافَ فِيهِ ذَكَرَ بَعْدَهُ إذَا وَقَفَ عَلَى وَارِثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَنَّ الْأَصْحَابَ رَتَّبُوهَا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِي الظَّاهِرِ وُجِدَ مُسْتَعْقَبًا وَاسْتَضْعَفَ هُوَ هَذَا التَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْمَوْتِ الِانْقِطَاعُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى صَغِيرٍ ثُمَّ بَعْدَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَلَمْ يَقْبَلْ الْمُعَيَّنُ، وَالتَّفْرِيعُ عَلَى أَنَّ قَبُولَهُ شَرْطٌ وَأَنَّ الْأَصْحَابَ رَتَّبُوهَا عَلَى الْوَقْفِ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ وَزَعَمُوا أَنَّهُ عَلَّقَ الْوَقْفَ بِحَاضِرٍ ثُمَّ كَانَ الِانْقِطَاعُ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَهَذَا نَقْلٌ مِنْ الْإِمَامِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَكِنَّهُ هُوَ اسْتَضْعَفَ ذَلِكَ التَّرْتِيبَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ لَوْ قُلْنَا: الْقَبُولُ لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ ثُمَّ بَعْدَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَلَوْ رَدَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ فَيَنْقَدِحُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَرْتِيبٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَقْفَ ثَبَتَ مُتَّصِلًا مُسْتَعْقَبًا بِثُبُوتِ تَصَرُّفٍ ثُمَّ ارْتَدَّ بِالرَّدِّ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُرَتِّبَ هَذَا عَلَى مَا لَوْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْوَقْفِ مُتَعَلِّقٌ أَصْلًا قَالَ: وَمِمَّا يَجْرِي فِي هَذَا الْمَوْقُوفِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى فُلَانٍ ثُمَّ بَعْدَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ أَوْ رَدَّ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَيُتَّجَهُ هَاهُنَا الصَّرْفُ إلَى الْمَسَاكِينِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَصْرِفَ صَائِرًا إلَيْهِمْ إذَا انْقَطَعَ اسْتِحْقَاقُ الْمُسَمَّى أَوَّلًا، فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِرَّ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَيْهِ فَيُتَّجَهُ تَنْزِيلُ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ انْقَرَضَ الْمُعَيَّنُ بَعْدَ ثُبُوتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>