يَسْلَمُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَيَكُونُ مُخْتَلِطًا بِغَيْرِهِ كَالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ الَّذِي مَعْلُومِي عَلَى الْحُكْمِ مِنْهُ، فَالْأَكْلُ مِنْهُ شُبْهَةٌ وَلَيْتَنِي إذْ أَكَلْت مِنْ هَذِهِ الشُّبُهَاتِ اقْتَصَرْت عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ وَكَانَ فِيهِ مَعْذِرَةٌ لِقِيَامِ الْبِنْيَةِ لَكِنِّي أَتَوَسَّعُ وَمَنْ يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ بَعِيدٌ مِنْ الْوَرَعِ وَالْكَلَامِ فِيهِ فَكَيْفَ يَتَكَلَّمُ فِي الْإِخْلَاصِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى دَرَجَةٍ؟ ، اللَّهُمَّ غَفْرًا وَلَكِنِّي أَقُولُ الْكَلَامَ تَارَةً بِلِسَانِ الْحَالِ، وَلَيْسَ لِي فِيهِ مَجَالٌ وَتَارَةً بِلِسَانِ الْعِلْمِ فَرُبَّمَا لِي فِيهِ بَعْضُ قِسْمٍ، وَأَيْضًا قَدْ يَحْصُلُ لِمَنْ لَيْسَ بِوَرِعٍ إخْلَاصٌ فِي عَمَلٍ فَيَسْتَعِينُ بِبَرَكَةِ ذَلِكَ الْإِخْلَاصِ، وَيَكُونُ مِنْ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، وَوَدِدْت لَوْ حَصَلَ لِي ذَلِكَ الْمَقَامُ وَأَنَا الْيَوْمَ فِي إحْدَى وَسَبْعِينَ سَنَةً مَا أَثِقُ بِأَنِّي حَصَلَ لِي ذَلِكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْت فِي جَنْبِ اللَّهِ وَاَللَّهِ أَوَدُّ الْآنَ لَوْ كَانَ عُمْرِي الَّذِي مَضَى كُلُّهُ كَفَافًا لَا عَلَيَّ، وَلَا لِي، وَأَنْ يَحْصُلَ لِي الْآنَ عَمَلٌ وَاحِدٌ يَرْضَاهُ اللَّهُ، وَلَسْت رَاضِيًا عَنْ نَفْسِي، وَلَا عَنْ كَلَامِي هَذَا، وَلَا عَنْ هَذَا الْكَلَامِ أَيْضًا، وَلَا بِاطِّلَاعِ أَحَدٍ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَتَبْتُهُ كَعَادَتِي بِالْكِتَابَةِ وَعَسَى أَنْ يَقِفَ عَلَيْهِ مَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ، وَلَا يَحْصُلُ لِي بِهِ ضَرَرٌ، وَاَلَّذِي فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا اللَّهُ فَلَعَلَّكَ لَا تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك؛ لِأَنَّ لَهَا دَسَائِسَ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا اللَّهُ وَغَيْرُك بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لَا يَعْلَمُ، وَلَا يُصَدِّقُك عَمَّا تُخْبِرُ بِهِ، بَلْ يُكَذِّبُك أَوْ لَا يُصْغِي إلَيْك فَأَنْتَ اجْتَهَدَ فِي إخْلَاصِ مَا فِي قَلْبِك إنْ كَانَ خَيْرًا فَلَكَ، وَإِنْ كَانَ شَرًّا فَعَلَيْك، وَلَا يَنْفَعُك غَيْرُ اللَّهِ وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ غَيْرَك عَلِمَ بِذَلِكَ وَصَدَّقَك عَلَيْهِ فَغَيْرُك إمَّا يُحِبُّ وَإِمَّا يَبْغُضُ وَإِمَّا بَيْنَ ذَلِكَ فَالْمُحِبُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْفَعَك بِذَرِّهِ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْك ضُرَّهُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا حَالُ الْمُحِبِّ فَكَيْفَ الْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ فَقَدِّرْ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ عَدَمًا وَتَحَقَّقْ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهِمْ، أَوْ رُؤْيَتَهُمْ لَا تُفِيدُ شَيْئًا، وَإِذَا تَحَقَّقْت ذَلِكَ انْتَفَعْت وَانْدَفَعَ عَنْك الرِّيَاءُ وَيْحَك تُرَائِي مَنْ لَا شَيْءَ؟ فَانْفَرِدْ مَعَ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ وَتَقَرَّبْ إلَى الرَّبِّ الصَّمَدِ، وَلَا يَقَعْ فِي نَفْسِك أَنَّ فِي الْوُجُودِ غَيْرَهُ أَحَدًا، وَلَا أُرِيدُ بِذَلِكَ مَقَالَةَ أَهْلِ الْإِلْحَادِ هَيْهَاتَ أُولَئِكَ نَظَرُوا إلَى الْأَغْيَارِ وَأَنَا أَجْعَلُهَا عَدَمًا فَلَسْت أَرَى فِي كُلِّ وَجْهٍ قَصَدْتُهُ سِوَى خَالِقِي اللَّهِ الرَّقِيبِ الْمُهَيْمِنِ إلَّا أَنْ تَقْصِدَ أَمْرًا دِينِيًّا كَالتَّعْلِيمِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَقَاصِدِ الدِّينِيَّةِ أَنْ يَرَى شَيْخَهُ لِيَعْرِفَهُ حَالَ عَمَلِهِ وَلِيُسِرَّهُ بِهِ فَذَلِكَ قَصْدٌ صَالِحٌ.
وَاَلَّذِي ذَكَرْته فِي الْأَوْقَافِ تَنْبِيهٌ لِي وَلِكَثِيرٍ مِنْ أَمْثَالِي. وَكَذَلِكَ فِي الْأَكْلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلْفُقَهَاءِ وَالْأَجْنَادِ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّ بَيْتَ الْمَالِ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ حَرَامٌ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ وَذَلِكَ لَا يُسَمَّى مَالَ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُ لِيُعْرَفَ، وَقِسْمٌ هُوَ الْحَلَالُ وَهُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute