للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا الْأَرَاضِي الْوَاصِلَةُ إلَيْنَا مِنْ فُتُوحِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَالْكَلَامُ فِي كَوْنِهَا، أَوْ بَعْضِهَا وَقْفًا، أَوْ غَيْرَ وَقْفٍ مَعْلُومٌ فَمَنْ يَأْخُذُ مِنْهَا، وَهُوَ بِصِفَةِ اسْتِحْقَاقِهَا الْمَعْلُومِ فِي الشَّرْعِ قَدْرَ مَا يُبِيحُهُ لَهُ الشَّرْعُ جَيِّدٌ وَمَنْ يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ إمَّا حَرَامٌ وَإِمَّا شُبْهَةٌ وَشَرْحُ ذَلِكَ يَطُولُ وَكُلُّ أَحَدٍ أَعْرَفُ بِنَفْسِهِ وَبِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ مِنْ مَنْفَعَةِ الْإِسْلَامِ وَاتِّصَافٍ بِمَا قَصَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَمَنْ بَعْدِهِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ غَرَضٌ إلَّا إقَامَةُ دِينِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالْفُقَهَاءُ وَالْأَجْنَادُ هُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْأَمْوَالِ الْعَامَّةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الِاحْتِرَازُ فِي مَطْعَمِهِمْ مِنْهَا وَأَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمُ يَدْخُلُ لَهُمْ مِنْهَا حَلَالًا مَحْضًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَذَلِكَ عَزِيزٌ، وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَلَمْ يَجِدْ عَنْهُ مَنْدُوحَةً يُقِيمُ بِهَا صُلْبَهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى حَدِّ الضَّرُورَةِ، وَغَيْرُ هَذِهِ الْأَمْوَالِ إمَّا أَنْ تَدْخُلَ إلَى الشَّخْصِ بِلَا عِوَضٍ كَصَدَقَةٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ وَصِيَّةٍ فَيُحْتَرَزُ فِي مَالِ ذَلِكَ الْمُتَصَدِّقِ وَالْوَاهِبِ وَالْمُوصِي وَهَلْ فِيهِ شُبْهَةٌ، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ حَلَالًا بَيِّنًا وَقَدْ حَصَلَ لَك مِنْهُ بِطَرِيقٍ حَلَالٍ بَيِّنٍ فَاشْكُرْ رَبَّكَ وَإِلَّا، فَهُوَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِنَابِ إمَّا حَرَامٌ وَإِمَّا شُبْهَةٌ، وَإِنْ دَخَلَ لَك بِعِوَضٍ وَجَبَ عَلَيْك النَّظَرُ فِي شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مَالُ مَنْ دَخَلَ إلَيْك مِنْهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَالثَّانِي الْعِوَضُ الَّذِي دَفَعْتَهُ إلَيْهِ هَلْ هُوَ سَالِمٌ عَنْ الشُّبْهَةِ، أَوْ لَا وَالطَّرِيقُ الَّذِي عَاوَضْتَهُ بِهَا هَلْ هِيَ سَالِمَةٌ عَنْ الشُّبْهَةِ، أَوْ لَا، وَهَذِهِ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ إذَا فَتَّشَ عَنْهَا لَمْ يَكَدْ يُوجَدُ عَلَى بُسُطِ الْأَرْضِ دِرْهَمٌ حَلَالٌ بَيِّنٌ فَإِنَّ أَرْبَابَ الصَّنَائِعِ وَالتِّجَارَاتِ وَالزِّرَاعَاتِ مَكَاسِبُهُمْ وَأَعْوَاضُهُمْ تَنْتَهِي إلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ. وَأَكْلُ الْحَلَالِ هُوَ سَبَبٌ لِكُلِّ خَيْرٍ وَخِلَافُهُ خِلَافُ ذَلِكَ وَمُبْعَدٌ مِنْ اللَّهِ وَمِنْ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ وَمِنْ الْإِخْلَاصِ فِي الْأَعْمَالِ.

اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُك أَنْ تَتَوَلَّى أُمُورَنَا بِيَدِك، وَلَا تَكِلَنَا إلَى أَنْفُسِنَا، وَلَا إلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِك، وَلَا إلَى أَعْمَالِنَا، فَلَيْسَ لَنَا أَعْمَالٌ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ مَا يَكُونُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَدْوَمَهَا يَا كَرِيمُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

{مَسْأَلَةٌ} فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ وَلَهُ ابْنُ ابْنِ ابْنِ بِنْتٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنِ بِنْتٍ أُخْرَى، وَهُوَ ابْنُ ابْنِ ابْنِ أَخٍ فَمَنْ هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ مِنْهُمَا وَمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَقْفَ مِنْهُمَا أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ.

{أَجَابَ بِمَا صُورَتُهُ} الْحَمْدُ لِلَّهِ، الثَّانِي أَقْرَبُ وَيَسْتَحِقُّ الْوَقْفَ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي بِقَرَابَتَيْنِ وَمَنْ يُدْلِي بِقَرَابَتَيْنِ أَقْرَبُ مِمَّنْ يُدْلِي بِقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكِنَّ أَقْرَبَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ وَتَارَةً تَكُونُ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ وَتَارَةً بِزِيَادَةِ الْقَرَابَةِ مَعَ اتِّحَادِ الدَّرَجَةِ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا اتِّفَاقُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأَخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>