للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا كِبْرِيَاؤُهُ فَلِمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَتَأْكِيدُهُ بِالتَّكْبِيرِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا رَحْمَتُهُ فَلِمَا يُدْرِكُهُ الْفَطِنُ اللَّوْذَعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ مُخْرِجًا لَنَا عَنْ رِبْقَةِ الْكُفْرِ وَجَهَالَتِهِ مُدْخِلًا لَنَا فِي حَوْزَةِ الشَّرْعِ وَحِمَايَتِهِ.

وَمِنْ رَحْمَتِهِ أَيْضًا قَوْلُهُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ كَيْفَ بَسَطَ لَك مَوَائِدَ كَرَمِهِ فِي دُعَائِك إلَى خِدْمَتِهِ الَّتِي تَشْرُفُ بِهَا النُّفُوسُ الزَّكِيَّةُ وَتُنَوَّرُ بِهَا الْقُلُوبُ الْقُدْسِيَّةُ وَمِنْ ذَلِكَ كَثِيرٌ يُفْهِمُهُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمُتَعَلِّقُ هَذَا يَرْجِعُ فَهْمُهُ إلَى سَبَبِ إبْدَاعِهِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّمَا أَبْدَعَ ذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يُهْجَمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي صَلَاتِهِمْ مَنْ يُؤْذِيهِمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ بِالْقَتْلِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ تَبَايُنِ هَذَيْنِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ لِمَا يَنْشُلُهُ مِنْ حَضِيضِ طَبْعِهِ وَعُتُوِّهِ وَيُوصِلُهُ إلَى أَوَجِّ شَرْعِهِ وَسُمُوِّهِ؛ وَيَرْجِعُ هَذَا إلَى حِفْظِ بَقَاءِ أَجْسَادِهِمْ أَنْ يُصِيبَهَا مَا يَخْشَوْنَ فَمَاذَا يَكُونُ مِنْ قَضِيَّةِ هَذَيْنِ الْقَائِلَيْنِ وَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ أَوْلَى بِالنُّصْرَةِ وَالِاتِّبَاعِ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ إيصَالُ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

{أَجَابَ} الشَّيْخُ الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ مَتَى كَانَ فِي الْأَوْقَافِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي الْعِمَارَةُ مُقَدَّمَةٌ فِيهَا فَلَا يُصْرَفُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَدْرُ الْمَصْرُوفُ لَا تَدْعُو الْعِمَارَةُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عِمَارَةً إنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ شَرْطٌ مَعْلُومٌ فِي تَقْدِيمٍ، أَوْ غَيْرِهِ اتَّبَعَ، وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ اتَّبَعْتَ الْعَادَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ فِي التَّقْدِيمِ وَغَيْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالٍ مُرْصَدٍ لِلْمَصَالِحِ بِحَيْثُ يَتَعَيَّنُ تَقْدِيمُ الْأَوْلَى، أَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ ذَلِكَ، أَوْ قَالَ: إنَّ النَّاظِرَ يَصْرِفُهُ لِلْأَوْلَى، وَتَعَارَضَ الْمَذْكُورَانِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَرَصَدَ ذَلِكَ، أَوْ وَقَفَهُ قَالَ: إنَّهُ لِلْأَوْلَى مُطْلَقًا، أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ

فَالْمُؤَذِّنُ أَوْلَى، أَمَّا كَوْنُ الْقَيِّمِ أَوْلَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى فَلِأَنَّهُ أَخَصُّ، وَهُوَ مِنْ بَابِ دَرْءِ الْمَفَاسِدِ وَالْمُؤَذِّنُ مِنْ بَابِ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ؛ وَلِأَنَّهُ يُهَيِّئُ الْمَسْجِدَ لِجَمِيعِ مَا يُقْصَدُ مِنْهُ مِنْ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالتَّطَوُّعِ وَالذِّكْرِ وَالِاعْتِكَافِ وَمَنْفَعَةٍ مُسْتَمِرَّةٍ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَافِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَبِفَقْدِهِ رُبَّمَا يَتَعَطَّلُ ذَلِكَ، أَوْ أَكْثَرُهُ وَيُهْجَرُ الْمَسْجِدُ، وَالْأَذَانُ، وَإِنْ كَانَ أَشْرَفَ وَأَعْلَى، فَلَيْسَ خَاصًّا بِالْمَسْجِدِ، بَلْ هُوَ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَالْبَلَدِ وَإِعْلَامُهُمْ بِدُخُولِ الْوَقْتِ يُؤَدِّي الْفَرْضَ وَالسُّنَّةَ بِإِقَامَتِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ.

وَهُوَ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فَقَطْ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَمْسَةِ وَبِعَدَمِهِ لَا تَتَعَطَّلُ عِبَادَاتُ الْمَسْجِدِ عَنْ الْمَفْرُوضَةُ، وَلَا الْمَفْرُوضَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>