النَّقْصُ فَهَذَا الَّذِي اسْتَقَرَّ رَأْيِي عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَيَشْتَرِكَ الْأَصْلِيُّونَ.
وَالزِّيَادَةُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى مَا يَرَاهُ النَّاظِرُ كَمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَأَرَى أَنَّهُ لَا يَزِيدُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُفْهَمُ فِي الْعُرْفِ فَكَأَنَّ اللَّفْظَ وُضِعَ لَهُ عُرْفًا وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالتَّحْرِيرِ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالتَّقْرِيبِ وَالْإِلْحَاقِ بِأَشْبَاهِهَا مِنْ الْمَدَارِسِ وَأَقْرَبُ شَيْءٍ تَلْحَقُ بِهِ الشَّامِيَّةُ الْبَرَّانِيَّةِ فَإِنَّهُمَا جَمِيعًا لِسِتِّ الشَّامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَقْصُودَهَا فِيهِمَا وَاحِدٌ وَالْعُرْفُ وَاحِدٌ وَالشَّامِيَّةُ الْبَرَّانِيَّةُ أَكْبَرُ، فَإِذَا جَعَلْت هَذِهِ مِثْلَهَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيْفٌ، وَالْمُسْتَقِرُّ بِالْبَرَّانِيَّةِ لِلْمُبْتَدِئِ وَلِلْمُتَوَسِّطِ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْمُنْتَهِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مَعَ مَا يَتَّبِعُ ذَلِكَ مِنْ خُبْزٍ وَغَيْرِهِ يُقَارِبُهُ فَأَرَى أَنْ يَتَقَرَّرَ فِي الشَّامِيَّةِ الْجَوَّانِيَّةِ لِلْمُنْتَهِي ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَلِلْمُتَوَسِّطِ عِشْرُونَ وَلِلْمُبْتَدِئِ عَشَرَةٌ وَأَرَى أَيْضًا أَنْ لَا تَنْحَصِرَ الْحَالُ فِي ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ، بَلْ يُفَاوِتُ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ؛ لِأَنَّ دَرَجَاتِ الْمُنْتَهِينَ وَالْمُتَوَسِّطِينَ مُخْتَلِفَةٌ فَتُجْعَلُ طَبَقَةُ الْمُنْتَهِينَ مِنْ عِشْرِينَ إلَى ثَلَاثِينَ وَطَبَقَةُ الْمُتَوَسِّطِينَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ إلَى عِشْرِينَ وَطَبَقَةُ الْمُبْتَدَئِينَ مِنْ عَشَرَةٍ إلَى خَمْسَةَ عَشْرَةَ.
وَلَا حَرَجَ فِي أَنْ يَنْقُصَ عَنْ الْعَشَرَةِ، أَوْ يَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِينَ بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ
الْمَصْلَحَةُ
، أَوْ يُبْقِيَ الطَّبَقَاتِ عَلَى حَالِهَا ثَلَاثَةً وَتَكُونُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْ سِتِّينَ إلَى أَرْبَعِينَ وَالْوُسْطَى مِنْ الْأَرْبَعِينَ إلَى الْعِشْرِينَ وَالسُّفْلَى مِنْ الْعِشْرِينَ إلَى خَمْسَةٍ، وَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ مَا قُلْنَاهُ، وَمَا قَرَّرَهُ مِنْ جَعْلِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَتَقَادِيرِهِمْ فِي الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ؛ لِأَنَّا لَوْ الْتَزَمْنَا بِهَذِهِ الْمَقَادِيرِ وَفَضُلَ دِرْهَمٌ مَثَلًا، فَإِنْ بَقَّيْنَاهُ حَاصِلًا، وَلَمْ نَصْرِفْهُ لَهُمْ خَالَفْنَا قَوْلَ الْوَاقِفِ إنَّهُ لَهُمْ، وَإِنْ صَرَفْنَاهُ إلَيْهِمْ، أَوْ إلَى بَعْضِهِمْ خَالَفْنَا التَّقْدِيرَ بِسِتِّينَ وَأَرْبَعِينَ وَعِشْرِينَ، وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ حَقٌّ وَتِلْكَ الْمُخَالَفَةُ بَاطِلٌ، وَيُمْكِنُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثَةِ وَيُجْعَلُ فِيهَا سِتُّونَ مِنْ طَبَقَةِ عِشْرِينَ بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ، وَعِشْرُونَ فِي طَبَقَةِ أَرْبَعِينَ بِثَمَانِمِائَةٍ دِرْهَمٍ، وَثَمَانِيَةٌ فِي طَبَقَةِ سِتِّينَ بِأَرْبَعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ، وَجُمْلَةُ ذَلِكَ دُونَ الثَّلَاثِينَ أَلْفًا بَقِيَ أَنْ يَكُونَ مَا يُقْسَمُ عَلَى الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ وَمِنْهُمْ الْمُعِيدُ وَالْإِمَامُ غَيْرُ مَحْصُورٍ، بَلْ كُلُّ مَا يَفْضُلُ وَمِنْهُمْ أَيْضًا نَائِبُهُمْ الَّذِي يَرْضَوْنَ بِهِ لَا تُجْعَلُ لَهُ جَامَكِيَّةٌ مِنْ أَصْلِ الْوَقْفِ، وَوَظِيفَتُهُ مُحَاقَقَةُ النَّاظِرِ.
فَإِنْ انْفَرَدَ بِالْكَلَامِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِعَجْزِ النَّاظِرِ، أَوْ خِيَانَتِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ النَّاظِرُ الْعُشْرَ وَاسْتَحَقَّ هَذَا أُجْرَةَ عَمَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَنْعُ النَّاظِرِ مِنْ الْكَلَامِ اسْتَحَقَّ النَّاظِرُ الْعُشْرَ، وَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا شَيْءٌ إلَّا مِنْ مَالِ الْفُقَهَاءِ إذَا رَضُوا بِهِ، وَلَا يُوَلَّى عَامِلٌ إلَّا إذَا كَانَ النَّاظِرُ يُوَلِّيهِ مِنْ جَامِكِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ كُلَّ الْحَاصِلِ لِلْفُقَهَاءِ وَالْمُتَفَقِّهَةِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْقَيِّمِ فَلَا يُشْرِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute