الِاسْتِفَاضَةِ وَقَدْ عُرِفَ الْخِلَافُ فِيهَا وَعَلَى أَنَّ تَسْمِيَةَ الْوَاقِفِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْكَلَامَ فِيهِ وَأَمَّا الِاقْتِصَارُ فِي أَوْلَادِ مَحْمُودٍ وَبُورِي عَلَى مَا ذُكِرَ فَلَا يَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي فَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ جَدِّهِ وَالْمَقْصُودُ بِهِ التَّمْيِيزُ فَلَوْ ذُكِرَ الْجَدُّ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ بِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أَيْضًا وَمَحْمُودٌ وَبُورِي الْأَخَوَانِ ابْنَا الْمَذْكُورِ لَا يُعْرَفُ هَلْ لَهُمَا وُجُودٌ أَمْ لَا؟
وَفِي تَارِيخِ ابْنِ عَسَاكِرَ: بُورِي بْنِ طغتكين مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ وَوَلَدُهُ مَحْمُودٌ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَلْ هُمَا هَذَانِ وَحَصَلَ الْغَلَطُ فِي كَوْنِهِمَا أَخَوَيْنِ وَفِي نَسَبِهِمَا أَوْ لَا؟ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ جَهَالَةً وَالْجَهَالَةُ تَمْنَعُ مِنْ جِهَةِ الشَّهَادَةِ وَالْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ وَيَلْزَمُ مِنْ جَهَالَتِهِمَا جَهَالَةُ أَوْلَادِهِمَا وَنَسْلِهِمْ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشُّهُودِ وَلَا مِنْ الْحَاكِمِ تَشْخِيصٌ وَلَا تَمْيِيزٌ.
(السَّادِسُ) أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ شَهِدَا فِي الْإِثْبَاتِ الْمَذْكُورِ وَاتَّصَلَ بِهِمَا ثَبَتَ أَنَّهُمَا كَانَا عِنْدَ شَهَادَتِهِمَا وَأَدَائِهِمَا مُتَسَاهِلَيْنِ فِي الشَّهَادَةِ غَيْرَ مَقْبُولَيْ الشَّهَادَةِ.
وَأَمَّا الْإِجَازَةُ فَقَدْ بَيَّنَّا أَمْرَهَا فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَحْضَرِ فَانْدَفَعَ الْعَمَلُ بِهَذَا الْمَحْضَرِ بِالْجُمْلَةِ الْكَافِيَةِ، وَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْمَحْضَرِ طَرِيقًا آخَرَ غَيْرَ الشَّاهِدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمَحْضَرَ الْمَذْكُورَ غَيْرُ ثَابِتٍ عِنْدَنَا وَأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
ثُمَّ نَظَرْت مَا بِيَدِ الْقَائِلَيْنِ إنَّهُمْ أَوْلَادُ مَحْمُودٍ وَبُورِي بَعْدَ ذَلِكَ فَوَجَدْت شَرَفَ الدِّينِ نَائِبَ الْحَنْبَلِيِّ قَدْ اتَّصَلَ بِهِ ذَلِكَ الْإِثْبَاتُ بِذَيْنِكَ الشَّاهِدَيْنِ وَالْحَالُ فِيهِمَا كَمَا شَرَحْتُهُ فَتَبَيَّنْ بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الِاتِّصَالَ كَلَا اتِّصَالٍ لِمَا ذَكَرْته مِنْ تَبْيِينِ كَوْنِ الشَّاهِدَيْنِ غَيْرَ مَقْبُولَيْنِ وَهَذَا لَا لَوْمَ عَلَيْهِ فِيهِ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ وَلَكِنْ يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْحُكْمِ وَلِمَا سَأَذْكُرُهُ مِنْ امْتِنَاعِ حُكْمِهِ وَإِثْبَاتِهِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ.
نَظَرْت فِيمَا بِيَدِ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ أَوْلَادُ مَحْمُودٍ وَبُورِي بَعْدَ ذَلِكَ فَوَجَدْت تَعْدِيَةً حَكَمَ فِيهَا شَرَفُ الدِّينِ هَذَا بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَشْرُوحِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَأَنَّ كِتَابَ الْوَقْفِ لَيْسَ هُنَاكَ كِتَابُ وَقْفٍ وَلَا مَنْعَ مِنْ ذَلِكَ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لَكِنَّهُ عَدَمُ تَحْرِيرٍ وَإِنْ شَاحَحْنَا قُلْنَا إنَّ هَذَا كَلَامٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فَلَا يُعْتَمَدُ وَأَمَّا حُكْمُهُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ فَصَادِرٌ مِنْ عَدَمِ مَعْرِفَةٍ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَقْفِ مَصْدَرُ وَقَفَ يَقِفُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute