للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثَّانِي) إدْخَالُهُمْ فِي الْحُكْمِ وَجَعْلُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ كُلِّ أَصْلٍ وَفَرْعِهِ لَا بَيْنَ الطَّبَقَتَيْنِ جَمِيعًا وَهَذَا يُحْتَمَلُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَقَدْ كُنْت مَرَّةً مِلْت إلَيْهِ فِي وَقْفِ الطُّنُبَا لِلَفْظٍ اقْتَضَاهُ فِيهِ لَسْت أَعُمُّهُ فِي كُلِّ تَرْتِيبٍ.

(الثَّالِثُ) الْإِسْنَادُ إلَى قَوْلِ الْوَاقِفِ " إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ " وَهَذَا قَوِيٌّ لَوْ تَمَّ وَإِنَّمَا يَتِمُّ لَوْ صَدَقَ عَلَى الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ كَانَ قَدْ وَقَعَ مِثْلُهَا فِي الشَّامِ قَبْلَ التِّسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَطَلَبُوا فِيهَا نَقْلًا فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأَرْسَلُوا إلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ يَسْأَلُونَ عَنْهَا وَلَا أَدْرِي مَا أَجَابُوهُمْ لَكِنِّي رَأَيْت بَعْدَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا وُقِفَ عَلَى أَوْلَادِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْتَقَلَ إلَى أَوْلَادِهِ وَمَنْ مَاتَ وَلَا وَلَدَ لَهُ انْتَقَلَ إلَى الْبَاقِينَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ آخَرُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ وَابْنِ أَخِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ وَالِدِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْقَادِرِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هُنَا مَرَاتِبَ وَلْنُبَيِّنْهَا بِالْمِثَالِ فَنَقُولُ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ فَهَذِهِ خَمْسُ مَرَاتِبَ

(إحْدَاهَا) زَيْدٌ وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَهُوَ أَهْلُ الْوَقْفِ فِي الْأَوَّلِ هَذَا لَا شَكَّ فِيهِ.

(الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ) عَمْرٌو هَلْ نَقُولُ إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ زَيْدٍ أَوْ لَا يَصِيرُ مَوْقُوفًا إلَّا بَعْدَ زَيْدٍ هَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَلَسْت أَقُولُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي إنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ مُعَلَّقٌ عَلَى انْقِرَاضِ زَيْدٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَخَيَّلُ ذَلِكَ بَعْضُ الضَّعَفَةِ وَإِنَّمَا لَمْ أَقُلْ بِذَلِكَ حَذَرًا مِنْ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُعَلَّقُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ مُنْجَزًا فَأَقُولُ إنَّ الْوَقْفَ مُنْجَزًا لَا عَلَى كُلِّ الطَّبَقَاتِ، وَإِنْشَاءُ الْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِهَا حَصَلَ الْآنَ؛ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَإِنَّمَا التَّرَدُّدُ عِنْدِي فِي مُتَعَلِّقِ الْإِنْشَاءِ وَهُوَ الطَّبَقَةُ الْأُولَى وَمَا بَعْدَهَا فَالطَّبَقَةُ الْأُولَى لَا تَرَدُّدَ فِي تَنْجِيزِ الْوَقْفِ فِيهَا الْآنَ وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ كَذَلِكَ فِي كَوْنِهِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ إذَا انْقَرَضَ مِنْ قَبْلِهِ وَهَذَا يُشْبِهُ بَحْثَيْنِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْمَأْمُورِ حَتَّى يَصِيرَ مَأْمُورًا فَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مَأْمُورًا مِنْ الْأَوَّلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>