وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا وَمِنْهُمْ مَنْ يُوقِفُ صَيْرُورَتَهُ مَأْمُورًا عَلَى وُجُودِهِ وَشُرُوطٍ أُخْرَى وَإِنْ كَانَ إنْشَاءُ الْأَمْرِ مُتَقَدِّمًا.
(الْبَحْثُ الثَّانِي فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ) الْحَنَفِيَّةُ يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيقِ يَنْعَقِدُ سَبَبُهُ وَعِنْدَ الصِّفَةِ يُقَدَّرُ إنْشَاؤُهُ يُجْعَلُ كَالنَّازِلِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ يَقُولُونَ إنَّ التَّعْلِيقَ الْمُتَقَدِّمَ هُوَ الْعِلَّةُ فَيُؤْثَرُ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا نَقُولُ فِي الْوَقْفِ بَلْ أَوْلَى وَلَعَلَّ خِلَافَ الْحَنَفِيَّةِ لَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ فَإِنْ قُلْنَا إنَّ عُمْرًا لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ زَيْدٍ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ بَعْدَهُ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فِي حَيَاةِ زَيْدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا فَهَلْ نَقُولُ إنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ؟ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يُقَالَ بِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الشَّيْءِ هُوَ الْمُسْتَقِرُّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ أَلَا تَرَى قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَأَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا» فَلِذَلِكَ نَقُولُ إنَّ مِنْ شَرْطِ صِدْقِ اسْمِ أَهْلِ الْوَقْفِ الِاسْتِحْقَاقُ وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَنَقُولُ فِي عَمْرٍو إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ قَصَدَهُ الْوَاقِفُ بِخُصُوصِهِ وَسَمَّاهُ وَعَيَّنَهُ وَلَنَا غَرَضٌ فِي ذَلِكَ نُقَدِّمُهُ عَلَى لَفْظِ الْأَوْلَادِ لِمَا سَنُبَيِّنُهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إجْرَائِنَا هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ هُنَا إجْرَاؤُهُمَا فِي الْأَوْلَادِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَقَوْلُنَا عَلَى الْإِطْلَاقِ احْتِرَازٌ مِنْ شَيْءٍ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ) أَوْلَادُهُ وَمُرَادُنَا أَوْلَادُ عَمْرٍو؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَبَيْنَ عَمْرٍو أَنَّ عَمْرًا مُعَيَّنٌ وَالْأَوْلَادُ جِهَةٌ كَالْفُقَرَاءِ، وَالْكَلَامُ فِي الْجِهَةِ وَكَوْنُهَا مَوْقُوفًا عَلَيْهَا الْآنَ أَوْ لَا يَصِيرُ مَوْقُوفًا عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضٍ كَالْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ فِي عَمْرٍو مَعَ زَيْدٍ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ بِعَيْنِهِ لَيْسَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ لَا الْآنَ وَلَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ وَيَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ وَهَذَا الدُّخُولُ وَالِاتِّصَافُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِهِ الْآنَ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الْمُعَيَّنِ لِقِيَامِ الْفَرْقِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ فَلِذَلِكَ أَجْزِمُ أَوْ أَكَادُ أَجْزِمُ بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ مِنْهُمْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ إلَّا إذَا حَصَلَ شَرْطُ اسْتِحْقَاقٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ بَيْنَ أَهْلِ الْوَقْفِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عُمُومًا وَخُصُوصًا مِنْ وَجْهٍ فَإِنَّ الْوَاحِدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute