للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاسْتَنَدَ فِي بَعْضِهِ إلَى مَنْ أَكْبَرُ مِنْهُ مِمَّنْ لَيْسَ بِقُدْوَةٍ مِمَّنْ رَأَيْنَاهُ وَعَاصَرْنَاهُ وَتَرْكُ ذِكْرِهِ أَجْمَلُ فَوَسَّعْتُ النَّظَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ إذْ كَانَ يَسْتَمِدُّ مِنْ مَسَائِلَ كُلُّ مَسْأَلَةٍ مِنْهَا قَاعِدَةً فِي بَابِ الْوَقْفِ وَقَلَّ مَنْ ذَكَرَهَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَكْتُبَ مَا عِنْدِي مِنْهَا لِيُسْتَفَادَ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ عِنْدَ النُّقَّادِ:

(الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) فِي اتِّحَادِ الْوَقْفِ وَتَعَدُّدِهِ: ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَتَفْصِيلُ الثَّمَنِ فِي تَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا التَّعَدُّدُ.

وَفَائِدَةُ ذَلِكَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَغَيْرِهِ وَمُجْمَلُ كَلَامِهِمْ فِي الصَّفْقَةِ الْوَاحِدَةِ الْمُتَّحِدَةِ لَفْظًا أَمَّا التَّعَدُّدُ لَفْظًا فَلَا شَكَّ فِي تَعَدُّدِهَا وَذَلِكَ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُنَبِّهُوا عَلَيْهِ وَذَكَرُوا فِي الْهِبَةِ إذَا تَعَدَّدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَكَرَ غَيْرُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِيمَا إذَا وَهَبَ شَيْئًا لِاثْنَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ وَقَبَضَهُ وَجْهَيْنِ، قَطَعَ الْقَاضِي وَابْنُ الصَّبَّاغِ بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْوَاحِدِ مَعَ الِاثْنَيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدَيْنِ وَالصَّفْقَتَيْنِ إذَا انْفَرَدَتَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إقَامَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَقَامَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ وَالْقِيَاسُ إقَامَةُ الْمَوْهُوبِ عَلَيْهِ مَقَامَ الْمُشْتَرِي وَمَقَامَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَكِنَّ فِيهِ فَضْلَ نَظَرٍ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَنَبْتَدِئُ فَنَقُولُ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا ثَمَنَ فِي الْوَقْفِ كَمَا فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا فِي الْوَقْفِ وَاقِفٌ وَمَوْقُوفٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ، وَالْمَوْقُوفُ لَا نَظَرَ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ فَصْلَهُ كَتَفْصِيلِ الثَّمَنِ فَالْمَسَائِلُ أَرْبَعٌ بِخَمْسِ صُوَرٍ:

(إحْدَاهَا) أَنْ يَتَّحِدَ الْوَاقِفُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةُ وَلَمْ يُفْصَلْ فَهَذَا وَقْفٌ وَاحِدٌ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جِهَةً أَمْ مُعَيَّنًا وَاحِدًا كَقَوْلِهِ وَقَفْت دَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ دَارِي وَبُسْتَانِي عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى زَيْدٍ.

فَهَذَا وَقْفٌ وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ.

وَفَائِدَةُ اتِّحَادِ الْوَقْفِ وَتَعَدُّدِهِ تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا فِي اسْتِحْقَاقِ أَهْلِهِ عِنْدَ مَوْتِ بَعْضِهِمْ، وَمِنْهَا فِي الْعِمَارَةِ فَإِذَا كَانَتْ أَمَاكِنُ مَوْقُوفَةٌ وَاحْتَاجَ بَعْضُهَا إلَى عِمَارَةٍ وَكَثِيرًا مَا تَقَعُ هَذِهِ الْمَسَائِلُ وَيُسْأَلُ عَنْهَا وَيَكُونُ الْوَاقِفُ وَاحِدًا وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَاحِدًا كَأَوْقَافِ الصَّدَقَاتِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْعِمَارَةَ إنَّمَا تَجِبُ مِنْ الْوَقْفِ الْوَاحِدِ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ فَمَتَى تَعَدَّدَ لَمْ تَجِبْ عِمَارَةُ أَحَدِ الْوَقْفَيْنِ مِنْ الْآخَرِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا وَقَفَ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>