شَخْصٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتَيْنِ وَقْفَيْنِ أَمْ تَعَدَّدَ أَحَدُهُمَا.
نَعَمْ إذَا تَعَدَّدَ الْوَقْفُ وَاتَّحَدَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَكَانَ مُعَيَّنًا فَلَهُ أَنْ يَعْمُرَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ وَإِنْ كَانَ جِهَةً فَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ لِلنَّاظِرِ فِي أَمْرِهَا أَنْ يَفْعَلَ الْمَصْلَحَةَ وَلَيْسَ هُوَ النَّاظِرُ فِي الْوَقْفِ بَلْ النَّاظِرُ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ مَنْ كَانَ إنْ كَانَ لَهَا نَاظِرًا وَقَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَافِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْفُقَرَاءِ وَحَاجَتُهُمْ حَاقَّةٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُقَدَّمُ عَلَى عِمَارَةِ ذَلِكَ الْوَقْفِ وَقَدْ يُسَوَّغُ بِأَنْ يَكُونَ صَرْفُ ذَلِكَ الْقَدْرِ إلَى تِلْكَ الْعِمَارَةِ لَا يُعَوِّقُ عَلَيْهِمْ أَمْرًا هُمْ مُحْتَاجُونَ إلَيْهِ وَيَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ مَصْلَحَةٌ.
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) : مِنْ صُوَرِ الْعَقْدِ أَنْ يَتَعَدَّدَ الْجَمِيعُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهَا أَوْقَافٌ مُتَعَدِّدَةٌ كَوَقْفَيْنِ مِنْ وَاقِفَيْنِ عَلَى شَخْصَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ.
(الثَّالِثَةُ) : أَنْ يَتَعَدَّدَ الْوَاقِفُ فَقَطْ كَمَا لَوْ وَقَفَ زَيْدٌ دَارِهِ عَلَى عَمْرٍو أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَوَقَفَ خَالِدٌ دَارِهِ عَلَيْهِ.
(الرَّابِعَةُ) : أَنْ يَتَعَدَّدَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ الصِّيغَةُ فَقَطْ فَلَا إشْكَالَ فِي تَعَدُّدِ الْوَقْفِ كَقَوْلِ زَيْدٍ: وَقَفْتُ عَلَى عَمْرٍو دَارِي وَعَلَى خَالِدٍ بُسْتَانِي.
أَوْ قَوْلِهِ: وَقَفْتُ عَلَى زَيْدٍ دَارِي وَوَقَفْتُ عَلَيْهِ بُسْتَانِي بِإِعَادَةِ صِيغَةِ الْوَقْفِ فَهُمَا وَقْفَانِ لِأَنَّهُمَا صِيغَتَانِ كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك دَارِي وَبِعْتُك بُسْتَانِي.
فَإِنَّا إذَا كُنَّا نُعَدِّدُ الصِّيغَةَ الْوَاحِدَةَ بِتَفْصِيلِ الْوَاحِدَةِ بِتَفْصِيلٍ فَتَتَعَدَّدُ الصِّيغَةُ لَفْظًا وَمِنْ ضَرُورَتِهِ تَفْصِيلُ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْهِبَةِ بِأَنْ تَقُولَ: وَهَبْتُك يَا زَيْدُ دَارِيَ وَوَهَبْتُك يَا زَيْدُ بُسْتَانِي.
فَهُمَا هِبَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك دَارِيَ وَبُسْتَانِي فَهِيَ هِبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذَا فِي الرُّجُوعِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَلَدَ فَإِنَّ فِي الْهِبَتَيْنِ لِلْوَالِدِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَفِي الْهِبَةِ الْوَاحِدَةِ يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إذَا رَجَعَ فِي بَعْضِهَا يَنْبَنِي عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
(الْخَامِسَةُ) : أَنْ يَتَعَدَّدَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فَقَطْ إمَّا جِهَتَيْنِ كَالْفُقَرَاءِ وَالْغَارِمِينَ وَإِمَّا مُعَيَّنَيْنِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو فَإِنْ فَصَّلَ بِأَنْ يَقُولَ لَك مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَهُوَ وَقْفَانِ كَمَا لَوْ فَصَّلَ الثَّمَنَ فِي الْبَيْعِ وَكَأَنَّهُ أَعَادَ الْعَامِلَ وَهُوَ وَقَفْت فَيَصِيرُ صِيغَتَيْنِ وَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَوَّلِ فَلَا يَضُرُّ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ مُنَاصَفَةً وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَكَذَا إنْ زَادَ وَقَالَ بِالسَّوِيَّةِ فَأَمَّا إذَا قَالَ بِالسَّوِيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ نِصْفَيْنِ وَلَا فِي الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ زَيْدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute