للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَهُمَا فَذِكْرُ التَّنْبِيهِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَتَعَيَّنُ بِهَا أَنَّهُمْ هُمْ لَا غَيْرُهُمْ فَنَظَرْنَا الْجُمْلَةَ الْأُولَى وَفِيهَا لَيْسَ لَهُ سِوَى وَلَدٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَاتَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بَلْ أَحَدُهُمْ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ أَصْلًا وَالْآخَرَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ أَوْلَادٌ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهَا يَحْتَمِلُ أَنْ تَخْتَصَّ بِالثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِيهَا بَعْدَهَا يَعُودُ عَلَيْهَا لِأَجْلِ الْقُرْبِ.

وَالضَّمِيرُ الْخَاصُّ إذَا عَادَ عَلَى عَامٍّ فِيهِ خِلَافٌ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ هَلْ يُخَصِّصُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] بَعْدَ قَوْلِهِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ} [البقرة: ٢٢٨] فَإِنْ قُلْنَا يُخَصِّصُهُ لِيُسَاوِيَ الضَّمِيرَ وَمَا عَادَ إلَيْهِ تَعَيَّنَ تَخْصِيصُهُ هُنَا وَعَوْدُهُ عَلَى اللَّامِ فَقَطْ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يُخَصِّصُهُ رَجَعَ النَّظَرُ فِي أَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ هَلْ يُسَمَّى مَوْقُوفًا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَوْ يُكْتَفَى بِمَصِيرِهِ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِذَلِكَ تَعَيَّنَ عَوْدُهُ إلَى الثَّلَاثَةِ.

وَإِنْ قُلْنَا بِهِ رَجَعَ النَّظَرُ فِي تَقْدِيمِ الْعَهْدِ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ مَعْهُودٌ وَهُمْ الثَّلَاثَةُ فَقَدْ يُقَالُ تَتَعَيَّنُ إرَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ الْمَعْهُودُ وَقَدْ يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ وَيُقَالُ الْكُلُّ مَعْهُودُونَ هُمْ وَأَوْلَادُهُمْ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ لِذِكْرِهِ إيَّاهُمْ فَإِنْ تَعَيَّنَ إرَادَةُ الثَّلَاثَةِ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ زَالَ التَّعَلُّقُ بِهِ فِي غَيْرِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَلْيَكُنْ مُطْلَقًا وَدَلَالَتُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا وَالِدٌ وَاحِدٌ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ أَوْلَادٌ نَصِيبُهُ لَهُمْ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمَفْهُومَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي الْأَوْقَافِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْجُمْلَةَ لِإِفَادَتِهِ كَوْنَ الْمَيِّتِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ وَإِنَّمَا لَمَّا ذَكَرَ الِانْتِقَالَ بَعْدَ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ إلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَقَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ خَشَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَيَانًا لِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ فَقَطْ فَبَيَّنَ حَالَةَ الِانْفِرَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ ثُمَّ بَيَّنَ حَالَ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَلَهُ أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَجَمَعَ بِذَلِكَ الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ الْمُمْكِنَةَ فِي أَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ وَيَكُونُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا الْمُرَادَ بِهِمْ الثَّلَاثَةُ لَا مَنْ بَعْدَهُمْ وَيَكُونُ مَنْ بَعْدَهُمْ مُسْتَفَادًا حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ.

إلَى آخِرِ قَوْلِهِ: حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي وَمَنْ بَعْدَهُ عَنْ وَلَدٍ يَكُونُ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَإِنَّمَا أَخَذْنَا انْتِقَالَ نَصِيبِ لَاجِينَ إلَى أَوْلَادِهِ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمَا اقْتَضَاهُ مَفْهُومُهُ وَتِلْكَ الْجُمْلَةُ خَاصَّةٌ بِالْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِلَا شَكٍّ فَلَا يَجْرِي حُكْمُهَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>