غَيْرِهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ حُجَّةٌ وَعَمِلْنَا بِهِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ.
فَالْمَفْهُومُ لَا عُمُومَ لَهُ فَيَكْفِي بِأَنْ يَكُونَ لَهُ بَعْدَ وَفَاةِ عَمِّهِ، وَلَوْ سَلَّمْنَا عُمُومَهُ وَأَنَّ نَصِيبَ كُلِّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ فَمَسْأَلَتُنَا هُنَا فِيمَنْ مَاتَ وَلَا وَلَدَ لَهُ وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ قَدَّمْنَا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ سَائِرِ الْبُطُونِ عَنْ وَلَدٍ فِيهِ احْتِمَالٌ أَمَّا مَنْ مَاتَ وَلَا وَلَدَ لَهُ فَلَا احْتِمَالَ فِيهِ إلَّا مَا سَنَذْكُرُهُ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي آخِرِ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ بَحْثًا فِيمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ مِنْ غَيْرِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ قَوْلَهُ " لَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى بَطْنٍ حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ " يَقْتَضِي عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى يَمُوتَ أَعْمَامُهُ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ، وَالْجُمَلُ الثَّلَاثُ الَّتِي بَعْدَهُ إنْ حُمِلَتْ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً لَمْ يُعَارَضْ لَكِنْ فُهِمَ مِنْ نَفْسِ الْوَاقِفِ فِيهَا أَنَّ بَقِيَّةَ الْبُطُونِ كَذَلِكَ فَتَحْصُلُ الْمُعَارَضَةُ وَلَمْ يَقُمْ عِنْدَنَا دَلِيلٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ عَلَى اعْتِبَارِ مِثْلِ ذَلِكَ.
وَإِنْ جُعِلَتْ عَامَّةً فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا فِي ذَلِكَ لِانْضِمَامِ اللَّفْظِ الشَّامِلِ بِوَضْعِهِ وَدَلَالَتِهِ إلَى الْقَصْدِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْوَاقِفِ، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ عِنْدِي أَعْنِي اسْتِحْقَاقَ الْوَلَدِ نَصِيبَ وَالِدِهِ مِنْ سَائِرِ الْبُطُونِ فِي هَذَا الْوَقْفِ قَلْبِي يَمِيلُ إلَيْهِ لِإِشْعَارِ كَلَامِ الْوَاقِفِ بِالْمَيْلِ إلَيْهِ وَلَا أَجِدُ دَلِيلًا عَلَيْهِ إلَّا تَعْمِيمَ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمَعَ الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ الْأُولَى وَنُبُوِّ اللَّفْظِ عَنْهُ فَأَنَا فِيهِ مُتَوَقِّفٌ أَعْنِي فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي وَمِنْ بَعْدِهِ.
(الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ) فِيمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ وَهُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ وَمَحْمُودُ بْنُ صَدَقَةَ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا بِأَيْدِيهِمَا يُحْكَمُ بِهِ لِعَمَّتَيْهِمَا لِثَلَاثَةِ مَآخِذَ: (أَحَدُهَا) أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ وَالْعَمَّتَانِ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ.
(وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ الْمَيِّتَانِ يُزَاحِمَانِ الْعَمَّتَيْنِ فِيهِ فَلَمَّا مَاتَا خَلَصَ لِلْعَمَّتَيْنِ.
(وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي يَدَيْهِمَا بِحَقٍّ بَلْ لِلْعَمَّتَيْنِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَبَيَانُ هَذِهِ الْمَآخِذِ الثَّلَاثَةِ: أَمَّا الِانْقِطَاعُ فَمُرَتَّبٌ عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَوْقَافِ عَلَى جَمَاعَةٍ فِي حُكْمِ الْأَوْقَافِ الْمُتَعَدِّدَةِ.
وَالثَّانِي انْتِقَالُ نَصِيبِ كُلِّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ وَبِاجْتِمَاعِ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ يَصِيرُ نَصِيبُ أَحْمَدَ وَمَحْمُودٍ مُنْقَطِعًا لِعَدَمِ نَصِّ الْوَاقِفِ عَلَى مَصْرِفِهِ وَمَصْرِفُ الْمُنْقَطِعِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَنَا أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ وَأَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ الْيَوْمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute