للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَمَّتَانِ.

وَعَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ مَصْرِفَهُ أَقْرَبُ عَصَبَاتِ الْوَاقِفِ وَمَعَ هَذَا قَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: يُصْرَفُ إلَى الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعُهَا ذُكِرَ كَانَ عُصْبَةً وَلِأَنَّ أَخَاهَا يَعْصِبُهَا فَعَلَى هَذَا أَيْضًا يُصْرَفُ إلَى الْعَمَّتَيْنِ.

وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَهِيَ بَعِيدَةٌ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِهَا أَنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِيُصْرَفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَأَمَّا كَوْنُهُ لِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ وَاحِدٌ كَمَا قَرَرْنَاهُ فِيمَا سَبَقَ فِي كُلِّ وَقْفٍ عَلَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُفَصَّلْ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَيَحِلُّ وَلَدُهُ مَحَلَّهُ فَنَصِيبُ مِنْكَوْرَسٍ انْتَقَلَ إلَى أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ وَاسْتَحَقَّهُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَازْدَحَمُوا فِيهِ وَاقْتَسَمُوهُ بِالْمُزَاحَمَةِ وَانْتَقَلَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ مَاتُوا مِنْهُمْ إلَى وَلَدِهِ وَقَامُوا فِيهِ مَقَامَ وَالِدِهِ مُزَاحِمًا مَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْعَمَّتَيْنِ فِيهِ مَعَهُ كَمَا كَانَ مَعَ أَبِيهِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ وَحَقُّ الْعَمَّتَيْنِ بَاقٍ فِيهِ فَيَأْخُذَانِهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ، وَهَذَا أَحْسَنُ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا يَعْرِفُهُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ لِلْعَمَّتَيْنِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَكَانَ فِي يَدِ أَحْمَدَ وَمَحْمُودٍ فَمَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ بَطْنٍ يَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ وَلَدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْوَاقِفِ الْأَوَّلِ، عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ جَمِيعُ الْوَقْفِ الْآنَ لِلْعَمَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْلَى الْمَوْجُودِينَ، فَهَذِهِ مَآخِذُ غَيْرُ مُجْتَمِعَةٍ لَكِنْ وَاحِدٌ عَلَى تَقْدِيرٍ وَآخَرَانِ عَلَى تَقْدِيرٍ.

فَإِنْ قُلْت هَلْ لِانْتِقَالِ نَصِيبِ أَحْمَدَ لِابْنِ عَمِّهِ مَحْمُودٍ وَجْهٌ؟ قُلْت لَا يُتَخَيَّلُ لَهُ وَجْهٌ إلَّا قَوْلَهُ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَقْتَضِي كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ قَبْلُ اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ فَإِذَا حَافَظْنَا عَلَى عُمُومِ الْبَطْنِ الثَّانِي فَأَبْنَاءُ الْعَمِّ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ ابْنُ عَمِّهِ نَصِيبَهُ مُحَافَظَةً عَلَى ذَلِكَ الْبَطْنِ وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ لَمْ يَنُصَّ عَلَى اعْتِبَارِ الدَّرَجَةِ وَلَا خَالَفَ قَوْلُهُ لَا يَكُونُ وَقْفًا عَلَى بَطْنٍ حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَمَعْنَى السَّافِلِ بِهَذَا الْمُقْتَضَى وَأَمَّا الْعَمَّتَانِ فَقَدْ خَرَجَ عَنْهُمَا بِالِانْتِقَالِ إلَى الْأَوْلَادِ لَكِنَّا نَقُولُ إنْ كَانَ قَوْلُهُ: بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ مُخْتَصًّا بِالْوَلَدِ وَابْنِهِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِهَذَا التَّخَيُّلِ، وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَقَدْ انْتَقَضَ مَا قَرَّرَهُ وَلَزِمَ أَنْ لَا يَنْتَقِلَ إلَى وَلَدٍ حَتَّى يَمُوتَ كُلُّ مَنْ هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فَزَالَ هَذَا التَّخَيُّلُ وَظَهَرَ أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ.

فَإِنْ قُلْت: هَلْ لِانْتِقَالِ نَصِيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>