الْوَقْفِ فَمَاتَ الشَّخْصُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ هَذَانِ الِابْنَانِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَهُمَا أُخْتُهُمَا الْمَذْكُورَةُ وَعَمُّهُمْ بَاقٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ مَحْجُوبُونَ بِهِ وَعَمَّاهُمَا الْأَخَوَانِ مَاتَا وَلَهُمَا أَوْلَادٌ مُتَنَاوِلُونَ لِحِصَّةِ أَبَوَيْهِمَا فَهَلْ تَكُونُ حِصَّةُ الِابْنَيْنِ الْمَيِّتَيْنِ لِأُخْتِهِمَا خَاصَّةً أَوْ لَهُمَا وَلِأَوْلَادِ عَمِّهَا الْمُتَنَاوِلِينَ أَوْ يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَوْلَادُ الْعَمِّ الْمَحْجُوبُونَ بِأَبِيهِمْ أَوْ يَكُونُ لِعَمِّهِمْ الْبَاقِي، فَأَجَبْت أَمَّا الْعَمُّ الْبَاقِي فَلَيْسَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ دَرَجَةِ الْمَيِّتِينَ.
وَأَمَّا أَوْلَادُهُ فَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ الْآنَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَأَمَّا أَوْلَادُ الْعَمِّ الْمُتَنَاوَلُونَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِمُشَارَكَتِهِمْ الْأُخْتَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُمْنَعَ وَيُقَالَ بِاخْتِصَاصِ الْأُخْتِ أَمَّا وَجْهُ الْمُشَارَكَةِ فَهُوَ الْمُتَبَادِرُ إلَى الذِّهْنِ لِمَوْتِ الِابْنَيْنِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَقَدْ قَالَ: إنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لِتَنَاوُلِهِمْ فَيُشَارِكُونَ الْأُخْتَ لِذَلِكَ.
وَلَيْسَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ حَتَّى نَقُولَ إنَّ الْأُخْتَ تَمْتَازُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ يُقَالُ بِالْمُشَارَكَةِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَبْتَدِرُهُ ذِهْنُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، وَأَمَّا وَجْهُ الْقَوْلِ بِاخْتِصَاصِ الْأُخْتِ فَلِقَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ وَقْفًا عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ.
فَنَصِيبُ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ انْتَقَلَ بِمُقْتَضَى هَذَا الشَّرْطِ لِأَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَهُ لَوْ انْفَرَدَ وَكَذَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ جَمِيعَهُ وَلَكِنَّ الْمُزَاحَمَةَ هِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِلْقِسْمَةِ وَالتَّوْزِيعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِذَا زَالَتْ مُزَاحَمَةُ الِابْنَيْنِ بِمَوْتِهِمَا انْفَرَدَتْ الْأُخْتُ بِاسْتِحْقَاقِ الْجَمِيعِ وَانْحَصَرَ الْمَصْرِفُ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً عِنْدَ مَوْتِ وَالِدِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ لَاقْتَضَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ، لَكِنْ عَارَضَهُ قَوْلُهُ: إنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَظَرْنَا فِي تَعَارُضِ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ وَوَجْهِ الْعَمَلِ فِيهِمَا فَوَجَدْنَا مُخَلِّصَيْنِ مُقْتَضَيَيْنِ لِتَرْجِيحِ مَا يُعَيِّنُ الْأُخْتَ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا مُحَقَّقٌ بِالدَّلِيلِ الَّذِي قُلْنَا وَبِأَنَّهَا تَأْخُذُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَأَوْلَادُ الْعَمِّ إنْ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِمْ ذَلِكَ فَيُرَجَّحُ جَانِبُهَا أَخْذًا بِالْمُحَقَّقِ وَطَرْحًا لِلْمَشْكُوكِ فِيهِ وَرِعَايَةً لِلْأَقْرَبِيَّةِ وَهُوَ مَقْصُودُ الْوَاقِفِينَ غَالِبًا وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَلِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute