الدَّلِيلَانِ وَجَبَ التَّوَقُّفُ وَالْأَخْذُ بِالْأَصْلِ فِي أَوْلَادِ الْعَمِّ عَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ لِهَذَيْنِ النِّصْفَيْنِ وَلَيْسَ الْأَصْلُ فِي الْأُخْتِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُمَا لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا وَإِخْوَتَهَا عَلَى السَّوَاءِ وَلَا يَتَرَجَّحَانِ عَلَيْهَا إلَّا بِالْمُزَاحَمَةِ وَقَدْ زَالَتْ، وَالْمُخَلِّصُ الثَّانِي وَهُوَ خَاصٌّ بِلَفْظِ هَذَا الْوَقْفِ أَنَّهُ فِي جَانِبِ مَنْ تَرَكَ وَلَدًا قَالَ: مَنْ تَرَكَ وَلَدًا، وَ " مَنْ " لَفْظَةُ عُمُومٍ وَفِي جَانِبِ مَنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا لَمْ يَذْكُرْ صِيغَةَ عُمُومٍ وَإِنَّمَا قَالَ: وَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ.
وَهَذِهِ الصِّيغَةُ بِهَذِهِ الْأَدَاةِ فِيهَا إطْلَاقٌ لَا عُمُومٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَامَّ أَقْوَى مِنْ الْمُطْلَقِ فَتَرَجَّحَ الْعَامُّ عَلَى الْمُطْلَقِ فَتَرَجَّحَ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ عَلَى الْعَمَلِ بِالطَّرَفِ الْآخَرِ.
وَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي ذَلِكَ، وَعِنْدِي فِي الْفَتْوَى بِهِ تَوَقُّفٌ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَفْهَمُهُ وَيُنْتَقَضُ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ عَمَلِ أَكْثَرِ النَّاسِ بِمَا يَفْهَمُونَهُ مِنْ كَلَامِ الْوَاقِفِينَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.
ثُمَّ إنَّ الْأُخْتَ الْمَذْكُورَةَ تُوُفِّيَتْ عَنْ بِنْتٍ وَعَلَى مَا قُلْته يَكُونُ نَصِيبُ الْأُخْتِ الَّذِي لَهَا مَعَ النَّصِيبَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا لِأَخَوَيْهَا جَمِيعًا يَنْتَقِلُ جَمِيعُ ذَلِكَ إلَى بِنْتِ الْأُخْتِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ لَا مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
فَإِنْ قُلْت: هَذَا الْبَحْثُ يُرَدُّ عَلَيْكُمْ فِي نَصِيبِ صَدَقَةَ وَانْتِقَالِهِ إلَى أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ وَمَحْمُودٍ وَأُخْتَيْهِمَا، وَقَوْلُكُمْ إنَّهُ بِمَوْتِ مَحْمُودٍ يَرْجِعُ نَصِيبُهُ إلَى عَمَّتَيْهِ فَلِمَ لَا قُلْتُمْ هُنَاكَ بِمِثْلِ مَا قُلْتُمْ هَاهُنَا؟ قُلْت لَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّ مَعَنَا نَصًّا هُنَاكَ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى بَطْنٍ حَتَّى يَنْقَرِضَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا صَرَفْنَا نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ إلَيْهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ لَا عُمُومَ فِيهِ وَهُنَا الْمُقْتَضِي لِصَرْفِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ نَصٌّ صَرِيحٌ عَامٌّ فَعَمِلْنَا بِمُقْتَضَاهُ مُطْلَقًا وَاقْتَصَرْنَا عَلَى ذَلِكَ الْمُسَمَّى مِنْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَى.
كُتِبَ: قَالَ مُصَنِّفُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَرَغْت مِنْ كِتَابَتِهِ فِي لَيْلَةٍ يُسْفِرُ صَبَاحُهَا عَنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ.
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute