للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّيِّدَ يَأْخُذُ مَالَهُ كَمَا يَأْخُذُ مَالَ عَبْدِهِ الذِّمِّيِّ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ.

وَقَالَ: إذَا أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا وَمَاتَ الْمُعْتَقُ وَرِثَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسِيبٌ فَإِنْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ عَلَيْهِ لِلذِّمِّيِّ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَرِثَهُ أَقْرَبُ عَصَبَةِ مَوْلَاهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَوْلَى مَوْلَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ. انْتَهَى.

وَكِتَابُ الْمُسْتَعْمَلِ هَذَا سَمِعَهُ عَلَى مُؤَلِّفِهِ الْمَذْكُورِ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْعَتِيقِيُّ سَنَة سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْقَلْعِيُّ وَابْنُ عَلَوِيَّةَ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ: إنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ، وَإِنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يُحْجَبُ، وَيَنْشَأُ مِنْ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ أَنَّ الْمِيرَاثَ لِوَلَدِ الْمُعْتِقِ فِي حَيَاتِهِ الْمُوَافِقُ لِدَيْنِ الْعَتِيقِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ مُخَالِفًا فِي الدِّينِ لَا لِبَيْتِ الْمَالِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ: إنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ عَصَبَةٌ عَلَى دِينِ الْعَبْدِ وَرِثَهُ دُونَ سَيِّدَهُ.

وَقَالَ دَاوُد: لَا يَرِثُ عَصَبَتُهُ مَعَ حَيَاتِهِ لَنَا أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْأَقْرَبَ مِنْ الْعَصَبَةِ مُخَالِفًا لِدِينِ الْمَيِّتِ وَالْأَبْعَدُ عَلَى دِينِهِ وَرِثَ دُونَ الْقَرِيبِ. انْتَهَى.

فَانْظُرْ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ مَا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ إلَّا عَنْ دَاوُد وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْقَلْعِيُّ، وَيُوَافِقُهُ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ فِي الدَّوْرِ مِنْ الْوَصَايَا فِي آخِرِ فَصْلٍ مِنْهُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَ مَرِيضٌ عَبْدًا ثُمَّ قَتَلَهُ السَّيِّدُ أَنَّهُ لَا يَرِثُ السَّيِّدُ مِنْ دِينِهِ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ بَلْ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ أَقْرَبُ مِنْ سَيِّدِهِ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا فَلِأَقْرَبِ عَصَبَاتِ السَّيِّدِ. انْتَهَى.

وَكَذَا فِي تَهْذِيبِ الْبَغَوِيِّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ قَالَ: وَلَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ بَعْدَمَا أَسْلَمَ الْمُعْتِقُ وَرِثَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا فَمِيرَاثُهُ لِمَنْ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ عَصَبَاتِ مُعْتِقِهِ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَثَبَتَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا هَذَا أَنَّ الْمَالَ لِعَصَبَةِ السَّيِّدِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَلَوِيَّةَ وَالْبَغَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالْقَلْعِيُّ.

وَالثَّانِي وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْهُمَا وَجْهَانِ فِي أَنَّ الْوَلَاءَ هَلْ يَثْبُتُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ لِعَصَبَتِهِ أَوْ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ إلَّا بَعْدَهُ وَيَكُونُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ، وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا.

وَمِنْ الدَّلِيلِ لَهُ مِنْ الْحَدِيثِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>