«الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» وَقَوْلُ الْقَاضِي: وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ الْمُعْتَقَ قَتَلَ الْمُعْتِقَ إلَى آخِرِهِ وَهُوَ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَالَهَا الرَّافِعِيُّ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ الْخِلَافُ فِيهَا مُصَرَّحًا بِهِ بَيْنَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالرَّافِعِيِّ كَمَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ مُصَرَّحٌ بِهِ بَيْنَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَمَأْخَذُ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاحِدٌ، فَقَوْلُ ابْنِ الْمُنْذِرِ يَجْرِي فِي الْقَاتِلِ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ يَجْرِي فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي مِنْ الْفَرْقِ نَاطِقٌ بِمَا اسْتَنْبَطْنَاهُ لَهُ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ لِعَصَبَتِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ. وَقَدْ تَبَيَّنَّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ.
وَقَوْلُهُ: وَهَكَذَا لَوْ اُسْتُرِقَّ إلَى آخِرِهِ، الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا سَبَقَ وَعَلَى الْأَصَحِّ لِابْنِهِ لَا لِبَيْتِ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ: وَهَكَذَا نَقُولُ فِي التَّزْوِيجِ، إلَى آخِرِهِ الْكَلَامُ فِيهِ كَمَا سَبَقَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْأَصَحِّ التَّزْوِيجُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْعَصَبَاتِ لَا إلَى الْحَاكِمِ.
وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِذَلِكَ وَجَزَمَ بِهِ فَقَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: إنَّ الَّتِي لَيْسَ لَهَا أَحَدٌ مِنْ عَصَبَاتِ النَّسَبِ وَعَلَيْهَا وَلَاءٌ إنْ كَانَ أَعْتَقَهَا رَجُلٌ فَوِلَايَةُ التَّزْوِيجِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ الْوِلَايَةِ فَلِعَصَبَاتِهِ ثُمَّ لِمُعْتَقِهِ ثُمَّ لَعَصَبَاتِ مُعْتَقِهِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ تَعْلِيلٌ عِنْدَ الْكَلَامِ فِي الْمَوَانِعِ لَا يُزَوِّجُ الْمُسْلِمَةَ قَرِيبُهَا الْكَافِرُ بَلْ يُزَوِّجُهَا الْأَبْعَدُ مِنْ أَوْلِيَاءِ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ أَوْ السُّلْطَانِ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ مَا يَعْضِدُ ذَلِكَ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَيُشِيرُ إلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ جَازِمًا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ: ذَكَرَ الْقَاضِي فِي كَرَّةٍ أَنَّ الْأَقْرَبَ فِي الْوَلَاءِ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَرِثُ الْأَبْعَدَ مِثْلُ أَنَّ الْعَتِيقَ كَانَ مُسْلِمًا وَالْمُعْتِقُ كَافِرًا وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ فَمَاتَ الْعَتِيقُ لَا يَرِثُهُ الِابْنُ الْمُسْلِمُ وَكَذَا لَوْ قَتَلَ الْمُعْتِقُ عَتِيقَهُ وَلَهُ ابْنٌ لَا يَرِثُهُ ابْنُهُ، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ كَافِرٌ أَمَةً مُسْلِمَةً وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ لَا يَلِي الِابْنُ تَزْوِيجَهَا بَلْ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا مُشْكِلٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُحْجَبُ كَالنَّسَبِ. انْتَهَى.
فَاسْتِشْكَالُ الْبَغَوِيِّ مُسَاعِدٌ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا، وَقَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي فِي كَرَّةٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْقَاضِي قَوْلٌ آخَرُ فِي كَرَّةٍ أُخْرَى وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا اتَّفَقَ مِنْهُ عَنْ غَيْرِ دَوَامِ نَظَرٍ بِحَيْثُ يَثْبُتُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَوْهِينٌ لَهُ وَقَوْلُهُ الْمُلْزَمُ لِلْقَاضِي بِتَزْوِيجِ أَبِي الْمُعْتِقَةِ الْعَتِيقَةَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَقَلَ الْوِلَايَةَ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute