للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيهَا فَسَبَبُ عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ مَمْنُوعٌ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَنَقْلَهَا إلَى أَبِيهَا؛ لِأَنَّ الِابْنَ مُقَدَّمٌ فِي الْوَلَاءِ عَلَى الْأَبِ، فَإِنْ قَالَ: الْكَلَامُ فِي الْوِلَايَةِ لَا فِي الْوَلَاءِ فَالْوَلَاءُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً وَالْوِلَايَةُ لِتَعَذُّرِهَا مِنْهَا تَنْتَقِلُ إلَى الْأَبِ.

قُلْنَا: إنْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ الَّتِي بِسَبَبِ الْوَلَاءِ فَكَيْفَ تَثْبُتُ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْوَلَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَةٌ أُخْرَى وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي تَزْوِيجِهِ مَمْلُوكَتِهَا فَلَا إلْزَامَ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: إنَّهُ نَقَلَهَا بِسَبَبِ عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ لِلْمُعْتِقَةِ أَبٌ وَابْنٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمُتَصَوَّرُ أَنَّهُ يُزَوِّجُ الْعَتِيقَةَ أَبُو الْمُعْتِقَةِ، وَالثَّانِي يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ، وَالثَّالِثُ يُزَوِّجُهَا ابْنُهَا.

وَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يُشْتَرَطُ إذْنُ السَّيِّدَةِ الْمُعْتِقَةِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ وَهُوَ قَوِيٌّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ الثَّالِثَ حَكَاهُ السَّرَخْسِيُّ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ رِوَايَةِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ لَكِنَّهُ بَيَّنَ أَنَّهُ عِنْدَ إمْعَانِ النَّظَرِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ أَرَادَ حِكَايَةَ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ مَوْتِهَا لَا فِي حَيَاتِهَا.

وَهَذَا مِنْ الْإِمَامِ يَحُومُ عَلَى مَا نَحَاهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ لِعَصَبَتِهِ أَمَّا مَنْ يَقُولُ: يَثْبُتُ الْوَلَاءُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ لِعَصَبَتِهِ فَلَا يُسْتَبْعَدُ عَلَيْهِ أَنَّ الِابْنَ يُزَوِّجُ.

وَلَوْلَا أَمْرٌ وَاحِدٌ كُنْت أَخْتَارُ أَنَّ الِابْنَ يُزَوِّجُ وَذَلِكَ الْأَمْرُ هُوَ أَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقَةِ يُقَدَّمُ فِيهِ عَلَى عَصَبَتِهَا وَإِنْ شَارَكُوهَا فِيهِ فَهَلْ الْأُنُوثَةُ كَالْفِسْقِ سَالِبَةٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْوِلَايَةِ فَيَجْرِي فِيهَا الْوَجْهَانِ اللَّذَانِ أَشَرْنَا إلَى قَاعِدَتِهِمَا بَيْنَ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ الْأَصَحُّ أَنَّ الِابْنَ يُزَوِّجُ أَوْ لَيْسَتْ سَالِبَةً لِاسْتِحْقَاقِ الْوِلَايَةِ وَلَكِنْ مَانِعَةٌ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ كَمَا تَمْنَعُ عَلَيْهَا مُبَاشَرَةً عَقْدَ نَفْسِهَا فَيُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ إذْنُهَا وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى عِنْدِي فَلِذَلِكَ لَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى عَصَبَتِهَا بَلْ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا كَمَا يُزَوِّجُ مَمْلُوكَتَهَا.

وَهَذَا الْأَقْرَبُ عِنْدِي وَهُوَ الَّذِي أَخْتَارُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِإِذْنِهَا وَلَا يُزَوِّجُ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ لِكَوْنِ الْوَلَاءِ لَهُ بَلْ لِكَوْنِهِ وَلِيُّ الْمُعْتِقَةِ كَحَالَةِ لَوْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا وَلَا وَلَاءَ لَهُ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَبَ يُزَوِّجُ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهَا فَبَعِيدٌ وَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِاسْتِقْلَالِهِ عَنْ الْمَرْأَةِ بِالْوِلَايَةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ بِسَبَبِ الْوَلَاءِ وَلَوْ قِيلَ بِذَلِكَ لَوَجَبَ تَقْدِيمُ الِابْنِ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّي إثْبَاتُهُ إلَى نَفْيِهِ وَلَا وَجْهَ عِنْدِي غَيْرُ مَا ذَكَرْته أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>