يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا وَإِذْنِ مُعْتِقَتِهَا، وَيَقْرُبُ مِنْهُ كَوْنُ الْحَاكِمِ يُزَوِّجُ وَهُوَ قَرِيبٌ لِامْتِنَاعِ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فَهِيَ كَمَنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ حَقٌّ وَامْتَنَعَ مِنْهُ.
وَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِاشْتِرَاطِ إذْنِهَا كَمَا قِيلَ بِهِ لِوَلِيِّهَا وَيَحْتَمِلُ الْمَنْعُ وَتُجْعَلُ كَالْغَائِبَةِ.
وَقَدْ تَبَيَّنَّ بِهَذَا أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَا تُلْزِمُ الْقَاضِي عَلَى خُصُوصِ بَحْثِهِ بَلْ إنْ لَزِمَتْ تَلْزَمُنَا أَوْ تَلْزَمُهُ وَجَوَابُهَا لَيْسَ مَا ذَكَرَهُ بَلْ هُوَ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ أَمَةً فَمَاتَ الْمُعْتِقُ وَخَلَّفَ ابْنًا صَغِيرًا وَلِلِابْنِ الصَّغِيرِ جَدٌّ قَالَ لِلْجَدِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْمُعْتَقَةَ هَكَذَا رَأَيْته فِي التَّعْلِيقَةِ وَقَوْلُهُ: قَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُزِيلَ الْمُلْزِمَ لِلْقَاضِي أَوْ الْقَاضِي نَفْسَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ مُدْرَجًا فِي كَلَامِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهُ هَذَا الْكَلَامُ وَأَنَّهُ فَهِمَ عَوْدَ الضَّمِيرِ فِي قَالَ عَلَى الشَّافِعِيِّ فَهُوَ مُنَازَعٌ فِيهِ، وَاَلَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَدَّ يُزَوِّجُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْقَلْعِيِّ فِي الْمِيرَاثِ.
فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا نَصًّا عَنْ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ قَوْلٌ يَعْضِدُ الْقَاضِيَ حُسَيْنٌ فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا مُتَرَتِّبًا وَلَا يَنْتَشِرُ فَلِيَكُنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ:
(أَحَدُهُمَا) وَهُوَ مَنْقُولٌ وَجْهًا أَوْ قَوْلًا أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ الْجَدَّ وَمَأْخَذُهُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلصَّغِيرِ خَاصَّةً.
(وَالثَّانِي) وَلَيْسَ بِمَنْقُولٍ وَلَكِنَّهُ قِيَاسُ الْمَنْقُولِ الصَّحِيحِ فِي غَيْرِهَا أَنَّ الْجَدَّ يُزَوِّجُ وَلَكِنْ هُوَ الصَّحِيحُ.
وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَيَانِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرَ مَنْقُولَةٍ فَقَالَ: إنْ أَعْتَقَ رَجُلٌ أَمَةً وَمَاتَ وَخَلَّفَ ابْنًا صَغِيرًا وَأَخًا لِأَبٍ وَأَرَادَتْ الْجَارِيَةُ النِّكَاحَ وَلَا مُنَاسِبَ لَهَا فَلَا أَعْلَمُ فِيهَا نَصًّا.
وَاَلَّذِي يَقْتَضِي الْمَذْهَبَ أَنَّ وِلَايَةَ نِكَاحِهَا لِأَخِي الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ فِي الْوَلَاءِ فَرْعٌ عَلَى وِلَايَةِ النَّسَبِ وَوِلَايَةُ ابْنَةِ الْمَيِّتِ لِأَخِيهِ مَا دَامَ الِابْنُ صَغِيرًا فَكَذَلِكَ وِلَايَةُ الْمُعْتَقَةِ.
وَقَوْلُهُ: مَا الْفَرْقُ إلَى آخِرِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّ الشَّافِعِيَّ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا فَهِمْنَاهُ.
وَقَوْلُهُ فِي الْفَرْقِ إلَى آخِرِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ ذَكَرَهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَلَمْ أَرَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي مِنْ التَّعْلِيقَةِ لِلْقَفَّالِ ذِكْرًا وَأَيًّا مَا كَانَ فَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ لَاغٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ: جُعِلَتْ كَالْمَعْدُومَةِ إنْ أَرَادَ بِالنِّسْبَةِ إلَى وِلَايَةِ النِّكَاحِ خَاصَّةً، وَرَدَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الْوِلَايَةِ بِدُونِ الْوَلَاءِ وَهُوَ مُنَاقِضٌ قَوْلَهُ أَوَّلًا بِسَبَبِ الْوَلَاءِ.
فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ كَتَزْوِيجِ الْأَبِ مَمْلُوكَةَ ابْنِهِ فَهُوَ الَّذِي قُلْنَاهُ وَيُسْتَغْنَى