بِهِ عَنْ الْفَرْقِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا تُجْعَلُ كَالْمَعْدُومَةِ مُطْلَقًا لَزِمَهُ أَنْ تُنْقَلَ الْوِلَايَةُ إلَى الِابْنِ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ حَيْثُ يَكُونُ لَهَا أَبٌ وَلَا ابْنَ لَهَا حَتَّى لَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ لَقَالَ بِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ لَكِنَّهُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ فِي النَّقْلِ كَمَا مَرَّ. هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى كَلَامِ الْقَاضِي.
وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ اخْتِيَارَهُ كُلَّهُ مُخَالِفٌ لِلصَّحِيحِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَك ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْأَصْحَابَ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ تَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ فِي بَابِ عَقْلِ الْمَوْلَى وَلَا يَعْقِلُ الْمَوَالِي الْمُعْتِقُونَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْمَوَالِي الْمُعْتَقِينَ وَلَهُ قَرَابَةٌ تَحْمِلُ الْعَقْلَ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضٍ حَمَلَ الْمُوَالِي الْمُعْتِقُونَ الْبَاقِيَ فَإِنْ عَجَزُوا عَنْ بَعْضٍ وَلَهُمْ عَوَاقِلُ عَقَلَهُ عَوَاقِلُهُمْ فَإِنْ عَجَزُوا وَلَا عَوَاقِلَ لَهُمْ عَقَلَ مَا بَقِيَ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمَوْلَى الْمُعْتِقَ يَعْقِلُ عَنْ الْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِالتَّعْصِيبِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الْمُنَاسِبِينَ فَيُقَسَّمُ أَوَّلًا عَلَى الْإِخْوَةِ ثُمَّ بَنِيهِمْ ثُمَّ الْأَعْمَامِ ثُمَّ بَنِيهِمْ فَإِذَا فَضَلَ فَضْلَةٌ قُسِّمَتْ عَلَى الْمَوَالِي الْمُعْتَقِينَ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ قُسِّمَ عَلَى مَوْلَى الْمَوْلَى ثُمَّ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ حَسَبَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْضًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَرَأَيْته فِي الْعُمَدِ لِلْفُورَانِيِّ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْتِقُ حَيًّا أَوْ عَجَزَ فَعَصَبَتُهُ.
وَفِي التَّتِمَّةِ فَهَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْعِرَاقِيِّينَ وَبَعْضُ الْمَرَاوِزَةِ وَنَصَّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّ عَصَبَةَ الْمَوْلَى يَتَحَمَّلُونَ الْعَقْلَ مَعَ وُجُودِهِ وَهَذَا أَدُلُّ دَلِيلٍ عَلَى ثُبُوتِهِ لَهُمْ فِي حَيَاتِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ يَرِثُونَ وَيَكُونُ لَهُمْ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ إذَا قَامَ بِالْمُعْتِقِ مَانِعٌ كَمَا يَعْقِلُونَ مَا فَضَلَ عَنْهُ.
نَعَمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ حَكَى عَنْ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا الضَّرْبَ عَلَى عَصَبَاتِ الْمُعْتِقِ بِمَوْتِ الْمُعْتِقِ قَالَ: وَهَذَا يُمْكِنُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ الْعَصَبَاتِ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْوَلَاءِ وَلَا حَقَّ فِي الْوَلَاءِ فَيَقَعُونَ مِنْ الْمُعْتِقِ فِي حَيَاتِهِ مَوْقِعَ الْأَجَانِبِ فَإِذَا مَاتَ وَرِثُوا بِالْوَلَاءِ وَصَارَ لُحْمَةً كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَإِذْ ذَاكَ يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتَّجِهُ إلَّا هَذَا.
وَالْأُصُولُ وَإِنْ كَانَتْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُوَرَّثُ بَلْ يُورَثُ بِهِ فَهُوَ مِنْ حُقُوقِ الْأَمْلَاكِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الِاخْتِصَاصُ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعْتِقِ.
نَعَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعْتِقًا وَضَرَبْنَا عَلَى عَصَبَاتِهِ فَهَلْ يُتَخَصَّصُ الضَّرْبُ بِالْأَقْرَبِينَ أَوْ يَتَعَدَّاهُمْ إلَى الْأَبَاعِدِ لَصُنِعْنَا فِي عَصَبَاتِ النَّسَبِ فِيهِ تَرَدُّدٌ ظَاهِرٌ يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute