أَنْ يُقَالَ: يَسْتَوْعِبُونَ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِتَخْصِيصِ الْأَقْرَبِينَ وَالْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ أَوْضَحُ. انْتَهَى.
وَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ وَهِيَ نَزْعَةٌ مِمَّا قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَيْضًا وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِ وَاَلَّذِي يُنَاسِبُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ خِلَافُهُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ وَبَعْدَهُ يَضْرِبُ عَلَى الْجَمِيعِ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْإِمَامِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِي حَيَاةِ الْمُعْتِقِ لِعَصَبَاتِهِ فَإِذَا مَاتَ انْتَقَلَ إلَى أَقْرَبِهِمْ وَيَخْتَصُّ بِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَلَا يُضْرَبُ عَلَى الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَأْتِيَ فِي التَّزْوِيجِ وَالْمِيرَاثِ وَلَا يَخْفَى تَرْتِيبُهَا.
وَالرَّافِعِيُّ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي الْعَاقِلَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ مِنْهَا وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ فِي الْمِيرَاثِ وَالتَّزْوِيجِ أَنْ يَطْرُدَهُ فِي الْعَاقِلَةِ وَيَكُونَ عِنْدَهُ هُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الْمَجْزُومُ وَقِيَاسُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ هُنَا أَنْ يُطْرِدَهُ فِي الْمِيرَاثِ وَالتَّزْوِيجِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي.
وَتَلَخَّصَ لَنَا طَرْدُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَوَاضِعِ فِي بَعْضِهَا نَقْلًا وَفِي بَعْضِهَا تَخْرِيجًا وَيَكْفِي نَصُّ الْمُخْتَصَرِ الَّذِي حَكَيْنَاهُ فِي الْعَاقِلَةِ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ النَّصُّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَانَ قَوْلًا بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ وَإِلَّا كَانَ وَجْهَانِ وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا الْمَنْصُوصُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعَاقِلَةِ.
{فَائِدَةٌ} عَرَفْت أَنَّ الْوَلَاءَ يَدُورُ عَلَى مَحْضِ الْعُصُوبَةِ وَكُلُّ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ نُسَمِّيهِ عَصَبَةً وَكَأَنَّا فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ خَالَفْنَا بَابَ الْفَرَائِضِ قَلِيلًا فَإِنَّ فِي الْفَرَائِضِ قُلْنَا: الْعَصَبَةُ كُلُّ ذَكَرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ أُنْثَى، وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ مِنْ الْأَقَارِبِ.
وَفِي الْعَاقِلَةِ أَطْلَقَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ الْعَصَبَةَ وَأَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُعْتِقَ، أَلَا تَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الْمُعْتِقَ مِنْ أَعْلَى وَإِنَّمَا ذَكَر الْخِلَافَ فِي الْمُعْتِقَ مِنْ أَسْفَلِ وَأَيْضًا سَمَّى الْمَرْأَةَ الْمُعْتِقَةَ هُنَا عَصَبَةً وَفِي الْفَرَائِضِ لَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مُنْفَرِدَةً بِالْعُصُوبَةِ بِحَالٍ أَعْنِي لِجِهَةِ الْقَرَابَةِ.
وَمِنْ قَوَاعِدِ التَّعْصِيبِ أَنَّ قُرْبَ الْجِهَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقُرْبِ إلَى الْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ ابْنُ ابْنِ الْأَخِ عَلَى ابْن الْعَمِّ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْأُخُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومَةِ، وَإِذَا قَدَّمَنَا جِهَةَ الْأُبُوَّةِ إلَى آخِرِهَا عَلَى الْأُخُوَّةِ وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْجُدُودَةِ جِهَةً مُسْتَقِلَّةً عَنْ جِهَةِ الْأُبُوَّةِ، إذَا عَرَفْت هَذَا فَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْوَلَاءَ كَالنَّسَبِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: أَنَّ ابْنَ الْمُعْتِقِ وَأَخَاهُ لَا يُعَصِّبَانِ بِنْتَ الْمُعْتِقِ وَأُخْتَهُ، الثَّانِيَةُ: إذَا كَانَ لِلْمُعْتَقِ جَدٌّ وَأَخٌ فَالْأَصَحُّ اسْتِوَاؤُهُمَا كَالنَّسَبِ، وَالثَّانِي الْأَخُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ أَقْوَى وَهُوَ يُدْلِي