للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ لَا يُثْبِتُهُ إذَا وَصَفَهَا بَلْ يَجْزِمُ بِعَدَمِ التَّضْمِينِ فَلَا وَجْهَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ حَاصِلَةً عِنْدَهُ حِينَ الْإِيصَاءِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِحُكْمِ ضَمَانِهَا إذَا جَهِلْنَا هَلْ كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الْإِيصَاءِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَضَى إطْلَاقُ النَّصِّ التَّضْمِينَ فِيهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجِنْسِ فَقَالَ: عِنْدِي ثَوْبٌ لِفُلَانٍ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ ثَوْبٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ: يَضْمَنُ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ خِلَافًا لِأَبِي إِسْحَاقَ فَإِنْ كَانَ التَّضْمِينُ لِأَجْلِ التَّقْصِيرِ بِتَرْكِ الْوَصْفِ فَالتَّقْصِيرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ الْجِنْسِ حَتَّى يَحْصُلَ عَدَمُ التَّمْيِيزِ بِسَبَبِهِ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ ثَوْبٌ آخَرُ لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ فَصَارَ اشْتِرَاطُ الْوَصْفِ لَنَفْيِ الضَّمَانِ لَا مَعْنَى لَهُ.

ثُمَّ لَيْتَ شَعْرِي أَيُّ وَصَفٍّ يُشْتَرَطُ وَمَا ضَابِطُ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَجِبُ ذِكْرُهَا، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ زَالَ التَّقْصِيرُ وَمُجَرَّدُ الْجِنْسِ حَيْثُ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ مِنْهُ غَيْرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي التَّرِكَةِ يَكُونُ كَمَا لَوْ وَصَفَ وَلَمْ يُوجَدْ وَيَكُونُ الْحُكْمُ فِيهِمَا فِي الْحَالَتَيْنِ وَاحِدًا إمَّا الضَّمَانُ وَإِمَّا عَدَمُ الضَّمَانِ.

وَلْتَعْلَمْ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي مَأْخَذِ التَّضْمِينِ عِنْدَ الْفَقْدِ جَعْلَهُ جَهْلَ الْوَدِيعَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ ضَمَانُ عُدْوَانٍ فَنُقِيمُ عُذْرًا لِلرَّافِعِيِّ وَمَنْ سَبَقَهُ فِي جَعْلِ الْمَسْأَلَةِ وَاحِدَةً وَلَكِنَّهُ قَدْ يُشَكِّلُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ جَازِمُونَ فِيمَا إذَا مَاتَ فَجْأَةً بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَلَا جَوَابَ عَنْهُ إلَّا أَنَّ الرُّويَانِيَّ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا هَلَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهُوَ تَقْيِيدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَيَزُولُ عَنْهُ الْإِشْكَالُ، وَمَتَى جَعَلْنَا الْمَأْخَذَ التَّجْهِيلَ بِسَبَبِ وَضْعِهَا فِي مَكَان لَا يُعْلَمُ اقْتَضَى الضَّمَانَ، وَإِنْ مَاتَ فَجْأَةً يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ وَعَلِمْنَا بِهَا حُكِمَ بِضَمَانِهَا لِتَرْكِهِ الْإِيصَاءَ وَإِنَّمَا نَقُولُ: لَا يَضْمَنُ إذَا كُنَّا قَدْ عَلِمْنَا بِهَا وَمَاتَ فَجْأَةً وَتَلِفَتْ بَعْدَهُ أَوْ مِلْنَا بِأَنَّ مَأْخَذَ التَّضْمِينِ جَعَلَهَا مَوْجُودَةً إذَا كَانَ جِنْسُهَا مَوْجُودَةً وَحَكَمْنَا بِأَنَّ هُوَ الْوَدِيعَةُ فَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَمَنْ قَالَ: يُزَاحِمُ الْغُرَمَاءَ يُضْطَرُّ إلَى أَنْ يَجْعَلَ سَبَبَهُ التَّجْهِيلَ الْمُبَيِّنَ لِلضَّمَانِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فَيَتَّحِدُ مَعَ مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْوَصِيَّةِ.

(الْفَصْلُ الثَّانِي) إذَا مَاتَ وَتَحَقَّقْنَا تَلَفَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ فَجْأَةً وَتَلِفَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا لَا ضَمَانَ عُدْوَانٍ وَإِنْ سَبَّبَ تَرْكُ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>