للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَاصِلَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَالتَّوْزِيعُ بِحَسَبِهَا وَإِنْ أَبْطَلَ الشَّرْعُ بَعْضَهُ فَيَبْقَى الْبَاقِي بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَهَذَا وَجْهُ تَقْرِيرِ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عَلَى حَالِهِ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ.

وَاعْلَمْ أَنَّا سَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا قِيمَتَهُ أَوْ قِيمَةَ بَدَلِهِ فَلَيْسَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّا نَزَّلْنَا الْعَقْدَ الشَّرْعِيَّ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى الْبَدَلِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ مِعْيَارٌ يُعْرَفُ بِهِ مَا قَابِلَ بِهِ الْمُتَعَاقِدَانِ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَبِيعَيْنِ بِمُقْتَضَى تَوْزِيعِهِمَا فَنَجْعَلُهُ ثَمَنًا لِلصَّحِيحِ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُقَابَلَةُ وَالتَّوْزِيعُ شَرْعِيَّيْنِ بَلْ الْمُقَابَلَةُ لَفْظِيَّةٌ وَالتَّوْزِيعُ عُرْفِيٌّ وَالشَّرْعُ يُقِرُّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُقِرُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَيُبْطِلُ مَا يُبْطِلُ وَهُوَ الْفَاسِدُ فَلَا يُعْتَقَدُ أَنَّ الشَّارِعَ حَكَمَ بِالْعَقْدِ عَلَى قِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ أَصْلًا بَلْ وَلَا عَلَى الْخَلِّ وَالشَّاةِ الْمُقَدَّرَيْنِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ التَّقْدِيرُ بِمَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّ الصَّحِيحَ فَيُنْزِلُ الشَّارِعُ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِهِ، وَمَنْ قَالَ بِالتَّقْدِيرِ قَالَ فِي الْمَيْتَةِ: تُقَدَّرُ مُذَكَّاةً، هَذَا جُمْلَةُ الْكَلَامِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُشْرِكِ إذَا أَصْدَقَ الْكَافِرَ امْرَأَتَهُ صَدَاقًا فَاسِدًا وَقَبَضَتْهُ ثُمَّ أَسْلَمَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَقِيلَ: يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى أَسْلَمَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَقِيلَ: لَا شَيْءَ.

وَإِنْ قَبَضَتْ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا فَلَهَا مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِقِسْطِهِ مَا لَمْ تَقْبِضْ فَإِنْ كَانَ شَيْئًا كَزِقِّ خَمْرٍ يُقَسَّطُ عَلَيْهِ بِالْجُزْئِيَّةِ وَإِنْ تَعَدَّدَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَزِقَّيْ خَمْرٍ قَبَضَتْ أَحَدَهُمَا فَإِنْ تُسَاوَيَا فَذَاكَ وَإِلَّا يُقَسَّطُ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْكَيْلِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقِيلَ: الْوَزْنُ وَقِيلَ: الْعَدَدُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّافِعِيُّ غَيْرَ هَذِهِ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ، وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ احْتِمَالُ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ وَالصَّوَابُ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيطَ بِالْقِيمَةِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَوْ تَمَاثُلِ أَفْرَادِهِ كَمَا فِي الْبِيَاعَاتِ الصَّحِيحَةِ، وَالتَّقْسِيطُ لِلْجُزْئِيَّةِ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّ الْإِصْدَاقَ وَقَعَ مُعْتَبَرًا حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ بِدَلِيلِ الِاكْتِفَاءِ بِقَبْضِهِ، وَإِنَّمَا عَامَلْنَاهُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ، وَالْخَمْرُ مُتَمَاثِلُ الْأَجْزَاءِ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَصْدَقَهَا خِنْزِيرَيْنِ فَهَاهُنَا الْأَصَحُّ بِقِسْطٍ عَلَيْهَا بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا وَقِيلَ: يُقَدَّرَانِ شَاتَيْنِ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا لَا يَصْدُرُ إلَّا عَنْ زَلَلٍ وَلَا وَجْهَ إلَّا اعْتِبَارَ قِيمَةِ الْخِنْزِيرِ عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهُ قِيمَةً هَذَا قَالَهُ فِي آخَرِ بَابِ نِكَاحِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ: إنَّهُ يُقَدَّرُ بَقَرَةً وَالرَّافِعِيُّ قَالَ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>