فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُقَدَّرُ بَقَرَةً وَلَمْ يَنْسُبْ الْمَوْضِعَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ لَا هُنَا وَلَا فِي الصَّدَاقِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي اخْتِصَارِ النِّهَايَةِ قَالَ وَأَخْطَأَ مَنْ قَدَّرَهُمَا شَاتَيْنِ وَأَوْجَبَ قِيمَةَ الشَّاتَيْنِ.
وَقَوْلُهُ أَوْجَبَ يُوهِمُ أَنَّهُ تَجِبُ قِيمَةُ الْمُقَدَّرِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَإِنَّمَا هِيَ مِعْيَارٌ وَالْوَاجِبُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ أَعْتَبِرُ وَهِيَ الصَّوَابُ وَإِنْ كَانَتْ خَنَازِيرَ كِبَارًا وَصِغَارًا وَاعْتَبَرْنَا الْعَدَدَ فَقِيلَ: يُسَوَّى بَيْنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَقِيلَ: يَجْعَلُ كُلَّ صَغِيرَيْنِ بِكَبِيرٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَخَمْرٍ وَخَنَازِيرَ وَكِلَابٍ فَقِيلَ: يَعْتَبِرُ الْجِنْسَ، وَقِيلَ: عَدَدُ الْأَفْرَادِ وَيُسَوَّى وَقِيلَ: الْمَالِيَّةُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُرَيْحٍ.
وَعَلَى هَذَا قِيلَ: نَعْتَبِرُ قِيمَتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقِيلَ: يُقَدَّرُ وَعَلَى هَذَا يُقَدَّرُ الْخَمْرُ خَلًّا وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا اعْتِبَارَ الْعَصِيرِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالصَّدَاقِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ وَأَمَّا الْخِنْزِيرُ عَلَى قَوْلِنَا بِالتَّقْدِيرِ فَقِيلَ: يُقَدَّرُ غَنَمًا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَقِيلَ: بَقَرًا، وَقِيلَ: حَيَوَانًا يُقَارِبُهُ فِي الصُّورَةِ وَالْفَائِدَةِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ.
وَالْكَلْبُ قِيلَ: يُقَدَّرُ بِهِ، وَقِيلَ فَهَذَا فَأَمَّا مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَوَجْهُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَزِيَادَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ هُنَا فِي الشِّرْكِ جَارِيَةٌ مَجْرَى الصَّحِيحِ، وَالتَّوْزِيعُ يَحْسِبُهَا وَيَمْلِكُ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ فِي الشِّرْكِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا فَإِذَا أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ كَانَ كَتَلَفِ بَعْضِ الْعُقُودِ عَلَيْهِ وَرَجَعَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ بِقِسْطِهِ مَا لَمْ يَقْبِضْ مِمَّا اقْتَضَاهُ التَّوْزِيعُ وَقْتَ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بَعْضُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَأَمَّا التَّقْدِيرُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ الصَّدَاقُ بِالْإِسْلَامِ عَنْ الِاعْتِبَارِ وَقِيمَتُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ يُنْظَرْ إلَيْهَا وَاعْتَبَرْنَاهَا بِغَيْرِهَا كَمَا فَعَلْنَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي وَيُجْعَلُ الْحُكْمُ بِالتَّقْسِيطِ الْآنَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ كَالتَّقْسِيطِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ابْتِدَاءً.
وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا الْبَابَ وَبَابَ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مُتَقَارِبَانِ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ هُنَا وَقَعَتْ صَحِيحَةً وَفِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِهِ فَلِذَلِكَ يَكُونُ الْخِلَافُ فِيهِمَا وَيَكُونُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ هُنَا أَوْلَى.
وَهَذَا الْمَأْخَذُ لِلْوَجْهَيْنِ مُسْتَمِرٌّ وَإِنْ قُلْنَا: الصَّدَاقُ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الزَّوْجِ ضَمَانَ عَقْدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عَلَى أَنَّهُ ضَمَانُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute