للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقْدٍ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ عَلَى مَا سَبَقَ وَالْقَوْلُ بِتَقْدِيرِهِ بِغَيْرِهِ مَبْنِيًّا عَلَى ضَمَانِ الْيَدِ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّلَفِ لَا يَنْفَسِخُ فَيَنْتَقِلُ إلَى بَدَلِهِ لَكِنَّ هَذَا لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَوَجَبَ ذَلِكَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنَّمَا يَجِبُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَذَلِكَ التَّقْدِيرُ مِعْيَارٌ فَقَطْ.

وَأَمَّا كَوْنُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْعَصِيرَ هُنَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجْرِيَ الْخِلَافُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَيُسَوَّى بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لِمَا صَحَّ إصْدَاقُ الْخَمْرِ بِعَيْنِهَا فِي الشِّرْكِ وَمَلَكَتْهَا الْمَرْأَةُ ثُمَّ خَرَجَتْ عَيْنُهَا عَنْ الِاعْتِبَارِ رَجَعْنَا إلَى الْخَلِّ لِثُبُوتِ حَالَةِ الْخَمْرِ قَبْلَهَا بِخِلَافِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ الْمِلْكُ بِعَيْنِهَا فَاعْتَبَرْنَا مَا قَبْلَهَا عَلَى وَجْهٍ وَالْأَقْرَبُ التَّسْوِيَةُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِالْعَصِيرِ هُنَاكَ لَمْ يُوجَدْ لَهُ كَلَامٌ هُنَا وَالْقَائِلُ بِالْخَمْرِ هُنَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ كَلَامٌ هُنَاكَ.

وَلَوْ تَكَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَطَرَدَ الْحُكْمَيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ تَفَارِيعُ ضَعِيفَةٌ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ اعْتِبَارُ الْبَدَلِ فَلَمْ يَتَّفِقْ الْكَلَامُ فِيهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ فَلَا تَنَاقُضَ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِالْقِيمَةِ عِنْدَ أَهْلِهِ أَوْ بِالْبَدَلِ فَالْكَلَامُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَعَلَى قَوْلٍ قَدِيمٍ ضَعِيفٍ يَجِبُ فِي إصْدَاقِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ قِيمَتُهُ، وَعَلَى هَذَا قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُقَدَّرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ مَنْ لَهُ قِيمَةٌ فَإِنَّ ذَلِكَ مُعْتَبَرُ الشَّرْعِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ: وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً كَمَا صَارَ إلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ فِي أَنْكِحَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ إنَّهُ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ وَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

قُلْت: وَهَذَا التَّخْرِيجُ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِيهِ بَعْدَ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا يَجِبُ بِعَيْنِهِ وَإِيجَابُ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَا عَهْدَ بِهَا وَالْقِيمَةُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَنِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ مُعْتَبَرٌ مِعْيَارًا فَقَطْ فَسَهُلَ احْتِمَالهَا؛ لِأَنَّ الْمُقَابَلَةَ وَالتَّوْزِيعَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالشَّرْعُ أَبْطَلَ مِنْهَا مَا أَبْطَلَ وَصَحَّحَ مَا صَحَّحَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْكُمَ بِإِيرَادِ الْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ عَلَى فَاسِدٍ وَلَا عَلَى قِيمَتِهِ وَقَدْ شَاءَ ذَلِكَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُشْرِكَاتِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ مَا قُلْنَاهُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا تَجَدَّدَ مِنْ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِصْدَاقَ وَقَعَ صَحِيحًا فِيهِمَا وَأَنْ يَقَعَ بِالْإِسْلَامِ فِي بَعْضِهِ فَيَعُودُ مُقَابِلُهُ مِنْ الْبُضْعِ فَيَسْتَحِقُّ قَسْطُهُ مِنْ الْمَهْرِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>