للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَمْنَعُ وُقُوعَ مَا قَصَدَهُ مَعَ عَدَمِ اسْتِحَالَتِهِ فَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَحَمَلَهُ عَلَيْهِ - اعْتِقَادُهُ أَنَّ إلْغَاءَ الْقَبْلِيَّةِ بِهَذَا، وَبِهَذَا فَهُمَا سَوَاءٌ وَلَمْ يَتَأَمَّلْ مَا قُلْنَاهُ.

وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَأْخَذٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يُقَدِّرَ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ كَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ وَقْتَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقِ أَمْسِ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَكَانَ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَمْسِ لَكِنْ هَلْ يَلْغُو وَيَقَعُ الْآنَ قَوْلَانِ فَعَلَى الْوُقُوعِ الْآنَ يَصِحُّ هَذَا الْوَجْهُ وَإِنَّهُ يَقَعُ طَلْقَتَانِ مِنْ الْمُعَلَّقِ مَعَ الْمُنْجَزِ لَوْ فُعِلَ.

وَهَذَا الَّذِي يَلِيقُ بِأَصْلِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ الْمُعَلَّقَ يُقَدَّرُ إنْشَاؤُهُ وَقْتَ الصِّفَةِ وَعِبَارَتُهُمْ أَنَّهُ يَنْزِلُ ذَلِكَ الْوَقْتَ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَنَا وَجْهٌ مِثْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّ التَّعْلِيقَ هُوَ السَّبَبُ وَهُوَ الْحَقُّ، وَقَدْ اسْتَنْظَرَ لَهُ دَلِيلًا مِنْ الْبَدِيَّةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْوَصِيِّ إذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَلَوْ قَدَّرَ الْعِتْقَ مَعَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَ إلْغَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ بَعْدَ إزَالَةِ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَقْتَضِي فِي حَالَةٍ فِي الْمِلْكِ الْمَوْجُودِ بِعِتْقٍ مُضَافٍ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ جَوَّزَهُ الشَّارِعُ تَوْسِعَةً لِلْمَالِكِ لِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الثَّوَابِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ فَافْهَمْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَمَأْخَذٌ قَوِيٌّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

(الْوَجْهُ الْخَامِسُ) فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي قَوْلِهِ: إنْ طَلَّقْتُكِ خَاصَّةً أَنَّهُ يَقَعُ الْمُعَلَّقُ وَحْدَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ. وَمَأْخَذُهُ أَنَّ أَلْفَاظَ الْعُقُودِ تُطْلَقُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَعِنْدِي فِي ضَعْفِهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي لَمْ تُحَقَّقْ مِنْ الشَّرْعِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَقُمْ عِنْدِي دَلِيلٌ عَلَى قَصْرِ اللَّفْظِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْهَا بَلْ الْأَلْفَاظُ الشَّرْعِيَّةُ الْمَنْقُولَةُ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لَهَا أَرْكَانٌ وَشُرُوطٌ وَبِدُونِ الْأَرْكَانِ يَظْهَرُ عَدَمُ إطْلَاقِ اللَّفْظِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهَا وَأَمَّا بِدُونِ الشَّرْطِ فَإِنَّا نَحْكُمُ عَلَيْهَا بِالْفَسَادِ وَإِذَا سَلَّمْنَا الِاسْمَ عَنْهَا فَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ بِالْمَجَازِ.

وَيُمْكِنُ لِهَذَا الْوَجْهِ مَأْخَذٌ آخَرُ وَهُوَ: أَنَّ الِاسْمَ وَإِنْ قَصُرَ عَلَى الصَّحِيحِ لَكِنَّ هُنَا قَرِينَةً تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ التَّطْلِيقُ الَّذِي لَوْلَا الْمَانِعُ لَوَقَعَ وَالْمَانِعُ مَا جَعَلَهُ جُزْءًا مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ، هَذَا مَا تَيَسَّرَ ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَرِيعًا فِي بَعْضِ مَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةِ، حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

(تَنْبِيهٌ) أَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُلْحَقِ إذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>