قُلْت: الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا مُتَغَايِرَيْنِ وَالطَّلَاقُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلزَّوْجِ وَالطَّلْقَةُ الْمُنْجَزَةُ وَالثَّلَاثُ إمَّا غَيْرُ مُتَغَايِرَةٍ وَإِمَّا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ أَرْبَعًا؟
قُلْت مَتَى تَصَوَّرْتَ تَصَوُّرًا صَحِيحًا عَلِمْت التَّغَايُرَ بَيْنَ الطَّلْقَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا وَالثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ وَبَيْنَ الْمَمْلُوكِ وَالْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَإِنَّ الطَّلْقَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً، وَبَيَانُ ذَلِكَ إمَّا كَوْنُ الطَّلْقَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً فَكَالضَّرْبِ وَالدُّخُولِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي يُعَلَّقُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ.
وَقَدْ أَشَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ وُقُوعُهَا فِي نِكَاحٍ آخَرَ وَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً وَيُبَيِّنُ لَك ذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ، ثُمَّ فَسَخَ نِكَاحَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَطَلَّقَهَا فَإِنَّا نَحْكُمُ بِعِتْقِ عَبْدِنَا فِيمَا يَظْهَرُ لَنَا بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا كَوْنُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مُغَايِرًا لِلْمَمْلُوكِ فَتَبْيِينُهُ أَنَّهُ يَقُولُ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ.
وَإِنْ شَرِبْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَمَا أَشْبَهَهُ فَيَصِيرُ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ وَقَدْ يَنْتَهِي إلَى الْأَلْفِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا ثَلَاثًا، فَالطَّلَاقُ الْمَمْلُوكُ أَعَمُّ وَالطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ أَخَصُّ؛ لِأَنَّا نَأْخُذُهُ مُقَيَّدًا بِالْإِضَافَةِ إلَى شَرْطِهِ فَبَيْنَ الطَّلَاقِ الْمَمْلُوكِ وَالْمُعَلَّقِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، وَهُوَ يَكْفِي فِي التَّغَايُرِ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ الْمَمْلُوكِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ أَيْضًا فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الشَّرْطَ وَالْجَزَاءَ مُتَغَايِرَانِ لَا مَانِعَ مِنْ تَصْحِيحِهِمَا فِيمَا عَدَا مَحَلِّ الدَّوْرِ.
(وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ) فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَقَعُ الْمُنْجَزُ وَطَلْقَتَانِ مِنْ الْمُعَلَّقِ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْمَشْرُوطَ مَعَ الشَّرْطِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَلْغُو قَوْلُهُ قَبْلَهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَإِنْ شَارِكْ الْأَوَّلَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ، وَإِنَّمَا قُلْت بِضَعْفِهِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ إلْغَاءَ الِاسْتِحَالَةِ بِإِلْغَاءِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ إلْغَاءَهَا بِطَلْقَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الطَّلْقَاتِ هِيَ الْمُتَصَرَّفُ فِيهَا الْقَابِلَةُ لِلتَّصْحِيحِ وَالْإِلْغَاءِ وَالْقَبْلِيَّةُ زَمَانُ ضِدَّيْنِ، الْمُرَادُ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي قَصَدَ إيقَاعَ الطَّلَاقِ فِيهِ فَهُوَ وَاقِعٌ ثَلَاثًا فِي الزَّمَانِ الْمُسْتَعْقِبِ لِزَمَانِ التَّنْجِيزِ فَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ مِنْهَا ثِنْتَانِ إلْغَاءٌ لِمَا أَوْقَعَهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ وَإِيقَاعُ طَلْقَتَيْنِ مَعَ الْمُنْجَزِ إيقَاعٌ لِمَا لَمْ يُوقِعْهُ بِغَيْرِ مُوجِبٍ وَلَا إرَادَةٍ فَهَذَا الْقَائِلُ تَوَقَّعَ مَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُتَكَلِّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute