للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ اللَّهِ بِخِلَافِ الْحَلِفِ بِالطَّوَاغِيتِ وَأَبِيهِ وَالْكَعْبَةِ. وَقَوْلُهُ فِي الْمَعْقُودَةِ لِلَّهِ فِيمَا إذَا كَانَ مَقْصُودُهُ التَّقَرُّبَ لَا الْحَلِفَ إلَى آخِرِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ فِي كُلِّ نَذْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ نَذْرَ التَّبَرُّرِ لَا خِلَافَ فِيهِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ وَكَأَنَّ النُّسْخَةَ سَقِيمَةٌ فَلْيَنْظُرْ فِي أُخْرَى.

وَإِدْرَاجُهُ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فِي الْيَمِينِ الْمَعْقُودَةِ لِلَّهِ يَقْتَضِي: أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ يَمِينٌ مَعْقُودَةٌ لِلَّهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ: مَعْقُودٌ لِلَّهِ إنْ أُرِيدَ بِهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ فَالْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ الْتَزَمَ بِهَا شَيْئًا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ كَالْحَجِّ وَالصَّدَقَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْحِنْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَلَا أَنْ يُنْشِئَ طَلَاقًا بَلْ مَقْصُودُهُ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِ الشَّرْطِ.

قَوْلُهُ: وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا عَقَدَهُ لِلَّهِ مِنْ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالنَّذْرِ وَمَا عَقَدَهُ لِلَّهِ مِنْ تَحْرِيمٍ وَهُوَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَقَالُوا فِي الْأَوَّلِ: كَفَّارَةٌ وَفِي الثَّانِي مَا حَلَفَ، هَذَا وَإِنْ كَانَ قَوْلَ الْجُمْهُورِ وَلَكِنْ لَمْ يَقُولُوهُ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ وَلَيْسَ مَأْخَذُهُمْ كَوْنَ هَذَا تَحْرِيمًا وَإِيجَابًا، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَأْخَذُهُمْ لَزِمَهُمْ أَنْ يَقُولُوا بِهِ مِنْ كُلِّ تَحْرِيمٍ كَمَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَامْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي حَرَامٌ وَهَذَا الطَّعَامُ عَلَيَّ حَرَامٌ فَيَحْرُمُ إذَا وَجَدَ الشَّرْطَ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.

بَلْ مَأْخَذُهُمْ أَنَّ هَذَا وُقُوعٌ وَذَاكَ الْتِزَامٌ، وَالْأَوَّلُ مُفَوَّضٌ إلَى الْعَبْدِ يُصِيبُ بِسَبَبِهِ تَنْجِيزًا وَتَعْلِيقًا وَمَتَى وَجَدَ سَبَبَهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ.

(وَالثَّانِي) لَيْسَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَإِذَا وَجَبَ سَبَبُهُ وَتَرَتَّبَ فِي الذِّمَّةِ يُمْكِنُ سُقُوطُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. وَاسْتِدْلَالُهُ بِالْآيَاتِ وَالْحَدِيثِ الدَّالِ عَلَى تَكْفِيرِ الْأَيْمَانِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهَا شَامِلَةٌ لِهَذِهِ الْيَمِينِ مَمْنُوعَةٌ.

وَقَوْلُهُ: إنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ وَأَيْمَانِ الْبَيْعَةِ، وَدَعْوَاهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهَا نِزَاعًا فَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَنَا أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ وَأَيْمَانُ الْبَيْعَةِ إنَّمَا صَارَتْ يَدْخُلُ فِيهَا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ مِنْ زَمَنِ الْحَجَّاجِ فَإِنَّهُ زَادَهَا فِي أَيْمَانِ الْبَيْعَةِ وَصَارَ يُحَلِّفُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَاشْتَهَرَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَإِذَا نَوَاهَا الْحَالِفُ دَخَلَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا لَا تَدْخُلُ وَلَوْلَا ذَلِكَ دَخَلَتْ الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِيهَا نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ، فَالْإِيهَامُ بِكَوْنِهَا مِنْ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُفِيدُ.

وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: أَيْمَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>