وَيَتَضَعَّفُ حَتَّى لَا يُؤَدِّيَ إلَى التَّشْقِيصِ وَيُفَرَّعُ عَلَى الْإِيجَابِ فِي الْوَقْصِ فَلَا تَجِدُ طَرِيقًا إلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ.
وَفِيمَا ذَكَرَهُ أَمْرٌ مَحْذُورٌ وَهُوَ تَضْعِيفُ الْمَالِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ إيجَابَ حِقَّةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مَثَلًا وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ بِالْأَصْلِ يَفْعَلُ ذَلِكَ بَلْ يُوجِبُ بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَلَكِنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَتَمَيَّزُ عَنْ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ صُورَةِ التَّشْقِيصِ مَعَ أَنَّا نُرِيدَ تَعْطِيلَ الْوَقْصِ فَهَذَا مُنْتَهَى الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ انْتَهَى كَلَامُ الْإِمَامِ.
(أَجَابَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ: أَمَّا كَلَامُ الْإِمَامِ مِنْ التَّفْرِيعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْقَفَّالِ فَظَاهِرٌ جَلِيٌّ لَا إشْكَالَ فِيهِ. وَلَيْسَ فِي كَلَامِ هَذَا الْفَصْلِ مَا يُرَدُّ إلَّا قَوْلُهُ فِي الْأَخِيرِ فِي إلْزَامِ حِقَّةٍ وَذَلِكَ مَرْدُودٌ إنَّمَا يَلْزَمُ مِنْ تَضْعِيفِ الْمَالِ.
وَمَبْنَى هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُضَعَّفَ هُوَ الْوَاجِبُ لَا الْمَالُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَضْعِيفَ الْمَالِ يُخَالِفُ الْمَحْسُوسَ وَهُوَ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ لَوْ قِيلَ بِهِ، وَالْأُمُورُ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا لِلضَّرُورَةِ إذَا دَلَّ دَلِيلٌ مِنْ الشَّرْعِ عَلَيْهَا وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا لَا نَجْعَلُ الْمَأْخُوذَ صَدَقَةً عَنْ الْمَالِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ تَضْعِيفٌ، وَإِنَّمَا نَجْعَلُهُ جِزْيَةً مُسَمَّاةً بِاسْمِ الصَّدَقَةِ مُسَاوِيَةً لِوَاجِبِ الزَّكَاةِ وَضَعْفِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى وَاجِبِ الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ وَهُوَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَنُضَعِّفُهَا فَنُوجِبُ فِيهَا بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَلَا نَقُولُ إنَّ الْمَالَ خَمْسُونَ حَتَّى تَجِبَ حِقَّةٌ.
إذَا عُرِفَ ذَلِكَ فَإِذَا مَلَكَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ وَنِصْفًا فَوَاجِبُهُ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَقَدْ فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْوَقْصَ مَحْسُوبٌ عَلَى الْكَافِرِ فَنُوجِبُ لِأَجْلِهِ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ وَنِصْفًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ نِسْبَتُهَا مِنْهَا خُمُسٌ وَعُشْرُ خُمُسٍ، ثُمَّ يُضَعَّفُ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْ الْمَجْمُوعِ بِنْتَيْ مَخَاضٍ وَأَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ نِسْبَتُهَا مِنْهَا خُمُسَانِ وَخُمُسُ خُمُسٍ.
ثُمَّ لِأَجْلِ الْفِرَارِ مِنْ التَّشْقِيصِ نَقُولُ: إنَّ الْأَحَدَ عَشْرَ جُزْءًا مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ تُسَاوِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ بِنْتِ لَبُونٍ. وَنَعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ بَعِيرٍ مِنْ الزَّكَاةِ مُسَاوٍ لِخُمُسِ خُمُسِ بِنْتِ الْمَخَاضِ بِمَعْنَى أَنَّهَا زَكَّتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَكُونُ خُمُسُ خُمُسِهَا مُزَكِّيًا لِوَاحِدٍ مِنْهَا بِشَرْطِ عَدَمِ التَّشْقِيصِ وَكُلُّ بَعِيرٍ مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ أَيْضًا مُسَاوٍ لِرُبْعِ تُسْعِ بِنْتِ اللَّبُونِ بِالطَّرِيقِ الْمَذْكُورِ فَعَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ بَعِيرٍ مُسَاوٍ لَخُمُسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute