مِنْ كُلِّ مِصْرٍ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْلِهِ الْإِسْلَامَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ إلَيْهِمْ ضَرُورَةُ حَاجَةٍ وَكَانَتْ مِنْ بِلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَى إقْرَارِهِمْ فِيهَا إلْحَاقًا لِحُكْمِهِ حُكْمِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَذَلِكَ أَنَّ خَيْبَرَ لَا شَكَّ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِنْ الْأَمْصَارِ الَّتِي كَانَ الْمُسْلِمُونَ اخْتَطُّوهَا وَلَا كَانَتْ نَجْرَانُ مِنْ الْمَدَائِنِ الَّتِي كَانَ الْمُسْلِمُونَ نَزَلُوهَا بَلْ كَانَتْ لِأَهْلِ الْكِتَابِ قُرًى وَمَدَائِنُ وَهُمْ كَانُوا عُمَّارَهَا وَسُكَّانَهَا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْهَا إذْ غَلَبَهَا وَأَهْلَهَا الْإِسْلَامُ وَسُكَّانَهَا مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاَللَّهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَلَمْ يَكُنْ بِهِمْ إلَيْهِمْ ضَرُورَةُ حَاجَةٍ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَحْوِ الَّذِي قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِي إسْنَادِهِ بَعْضُ النَّظَرِ وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ الْخَطَّابِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْحَرَّانِيُّ ثنا يَعْقُوبُ بْنُ جَعْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَنْزِلُ بِأَرْضٍ دِينٌ مَعَ الْإِسْلَامِ» حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ حُمَيْدٍ وَابْنُ وَكِيعٍ قَالُوا ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ فِي أَرْضٍ» حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شُعَيْبٍ السِّمْسَارُ ثنا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ ثنا جَعْفَرٌ الْأَحْمَرُ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُهُ.
حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو السَّكُونِيُّ ثنا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ قَابُوسَ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِثْلِهِ قَالَ فَإِذَا كَانَ صَحِيحًا مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ بِاَلَّذِي بِهِ اسْتَشْهَدْنَا فَالْوَاجِبُ عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ إذَا أَقَرَّ بَعْضَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ لِحَاجَةٍ بِأَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ إمَّا لِعِمَارَةِ أَرْضِهِمْ وَفِلَاحَتِهَا وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا غِنَى بِهِمْ عَنْهُمْ أَلَّا يَدَعَهُمْ فِي مِصْرِهِمْ مَعَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثٍ عَلَى مَا قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنْ يُسْكِنَهُمْ خَارِجًا مِنْ مِصْرِهِمْ مَا دَامَتْ بِهِمْ إلَيْهِمْ ضَرُورَةُ حَاجَةٍ كَاَلَّذِي فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ وَعَلِيٌّ وَأَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ اتِّخَاذِ الدُّورِ وَالْمَسَاكِنِ فِي أَمْصَارِهِمْ فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُمْ مَنْ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ دَارًا أَوْ ابْتَنَى بِهِ مَسْكَنًا فَالْوَاجِبُ عَلَى إمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَخْذُهُ يَبِيعُهَا كَمَا يَجِبُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute