فُتِحَ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمْ وَلَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي الْأَصَحِّ وَمُرَادُهُ عَدَمُ الْمَنْعِ، وَكَذَا عِبَارَةُ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَأَمَّا عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فَسَالِمَةٌ عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُ أَبِي حَامِدٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَلِكَ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَالْوَجْهُ الْآخَرُ.
وَقَوْلُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ.
قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَيُمْنَعُونَ مِنْ رَمِّ كَنَائِسِهِمْ الْقَدِيمَةِ إذَا رُمَّتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فِي عَهْدِهِمْ فَيُوَفَّى لَهُمْ. وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِمَا قَدَّمْت مِنْ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا يَحِلُّ لَنَا أَنْ نُمَكِّنَهُمْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ؛ وَلِأَنَّ شَرْطَ عُمَرَ يَمْنَعُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَعْيَانٍ جَدِيدَةٍ فِي مَعْنَى إنْشَاءِ كَنِيسَةٍ جَدِيدَةٍ وَنَحْنُ لَمْ نَلْتَزِمْ لَهُمْ إلَّا عَدَمَ الْهَدْمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَمْكِينُهُمْ مِنْ التَّرْمِيمِ وَتِلْكَ الْآلَاتُ الْجَدِيدَةُ الَّتِي يُرَمُّ بِهَا كَيْفَ تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ صَاحِبِهَا، وَجَعْلُهُ إيَّاهَا كَنِيسَةً أَوْ جُزْءَ كَنِيسَةٍ لَا يَصِحُّ، وَلَعَلَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ التَّرْمِيمَ أَنْ يَرُمَّ بِتِلْكَ الْآلَاتِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي الْتَزَمَ لَهُمْ عَدَمَ هَدْمِهَا فَيُعِيدُونَ تَأْلِيفَهَا عَلَى مَا كَانَ فَهَذَا قَرِيبٌ يُمْكِنُ الْمُوَافَقَةُ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ، أَمَّا التَّرْمِيمُ الَّذِي فِيهِ إنْشَاءُ آلَاتٍ أُخْرَى فَبَعِيدٌ مِنْ الْجَوَازِ وَلَيْسَ فِي الشَّرْعِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ شُرِطَ فَقَدْ اقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ الْجَوَازَ وَعِنْدِي فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِهِ لِعَدَمِ الْهَدْمِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَمْنَعَ كَمَا لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَلْ يَجِبُ إخْفَاءُ الْعِمَارَةِ؟
فِيهِ وَجْهَانِ: (أَحَدُهُمَا) نَعَمْ لِأَنَّ إظْهَارَهَا مَرْتَبَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَأَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِظْهَارِهَا كَمَا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِبْقَاءِ الْكَنِيسَةِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ تَطْيِينُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ وَيَجُوزُ إعَادَةُ الْجِدَارِ السَّاقِطِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُمْنَعُونَ مِنْ التَّطْيِينِ مِنْ خَارِجٍ. وَإِذَا أَشْرَفَ الْجِدَارُ فَلَا وَجْهَ إلَّا أَنْ سَوَّى جِدَارًا دَاخِلِ الْكَنِيسَةِ، وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى جِدَارٍ ثَالِثٍ وَرَابِعٍ فَيَنْتَهِي الْأَمْرُ إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ الْكَنِيسَةِ شَيْءٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكْتَفِيَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الْإِخْفَاءِ بِإِسْبَالِ سِتْرٍ تَقَعُ الْعِمَارَةُ مِنْ وَرَائِهِ أَوْ بِإِيقَاعِهَا فِي اللَّيْلِ. قُلْت هَذَا تَفْرِيعٌ مُسْتَقِيمٌ. وَرَأَيْت فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بَعْدَ أَنْ حُكِيَ عَنْ الْإِصْطَخْرِيِّ الْمَنْعُ مِنْ التَّجْدِيدِ وَالْإِصْلَاحِ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ إنْ تَشَعَّبَ السُّورُ فَبَنَوْا دَاخِلَ السُّورِ حَائِطًا حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute