للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِمَامُ فِي الْمَحْصُولِ فِيهَا سُؤَالٌ أَوْرَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّ الْقُرْآنَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ جَمِيعِهِ وَبَعْضِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَالِفَ لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ بَعْضِهِ وَهَذَا إنْ أَرَادَ مَا إذَا نَوَى مُطْلَقَ الْمَاهِيَّةِ فَصَحِيحٌ.

وَإِنْ أَرَادَ حَيْثُ لَا نِيَّةَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِقِرَاءَةِ جَمِيعِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ فِي الْأُمِّ فِي الْجُزْءِ السَّابِعِ فِي بَابِ جَامِعِ التَّدْبِيرِ.

وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدٍ لَهُ: مَتَى مِتُّ وَأَنْتَ بِمَكَّةَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمَتَى مِتُّ وَقَدْ قَرَأْت الْقُرْآنَ فَأَنْتَ حُرٌّ. فَمَاتَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ بِمَكَّةَ وَقَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ كَانَ حُرًّا. وَإِنْ مَاتَ وَلَيْسَ الْعَبْدُ بِمَكَّةَ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يَقْرَأْ الْقُرْآنَ لَمْ يُعْتَقْ. وَلَوْ قَالَ لَهُ: مَتَى مِتُّ وَقَدْ قَرَأْت قُرْآنًا فَأَنْتَ حُرٌّ. فَإِذَا قَرَأَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا فَقَدْ قَرَأَ قُرْآنًا فَهُوَ حُرٌّ.

فَهَذَا نَصٌّ مِنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقُرْآنِ الْمُعَرَّفِ وَالْمُنَكَّرِ وَأَنَّ الْمُنَكَّرَ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ وَعَلَى الْبَعْضِ وَيَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَى بَعْضِهِ كَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى كُلِّهِ وَالْمُعَرَّفُ بِخِلَافِهِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ الْحُكْمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَنَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فِي بَابِ التَّدْبِيرِ، فَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ فِي تَعْلِيقِهِ: فَرْعٌ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ قَرَأْت الْقُرْآنَ فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَقْرَأَ جَمِيعَ الْقُرْآنِ وَهَذَا لِأَنَّهُ أَدْخَلَ الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَهُمَا يَدْخُلَانِ لِلْعَهْدِ أَوْ الْجِنْسِ وَلَيْسَ هَاهُنَا عَهْدٌ فَكَانَا لِلْجِنْسِ فَاقْتَضَى أَنْ لَا يَقَعَ الْعِتْقُ حَتَّى يَقْرَأَ جَمِيعَ ذَلِكَ.

وَلَوْ قَالَ إذَا قَرَأْت قُرْآنًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَرَأَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقُرْآنِ عَتَقَ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ أَكْثَرَ مِنْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ.

قُلْت قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ الْجِنْسُ مُرَادُهُ بِهِ الْعُمُومُ وَهُوَ اصْطِلَاحُ النُّحَاةِ فِي إطْلَاقِ الْجِنْسِ. وَأَمَّا الْأُصُولِيُّونَ فَيُرِيدُونَ بِالْجِنْسِ الْمَاهِيَّةَ.

وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ: وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَقَدْ عَلَّقَ حُرِّيَّتَهُ بِقِرَاءَةِ جَمِيعِ الْقُرْآنِ وَإِنْ قَرَأَ بَعْضَهُ لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ قَرَأَ جَمِيعَهُ عَتَقَ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْقُرْآنَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ جِنْسَ الْقُرْآنِ فَإِذَا قَرَأَ بَعْضَ الْجِنْسِ لَمْ يُعْتَقْ.

وَإِنْ قَالَ: إذَا قَرَأْت قُرْآنًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ إنْ قَرَأَ بَعْضَ الْقُرْآنِ عَتَقَ لِأَنَّ قَوْلَهُ قُرْآنًا يَقْتَضِي قُرْآنًا مُنَكَّرًا فَأَيُّ شَيْءٍ قَرَأَ حَنِثَ. وَحَكَى الْجَوْزِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>