فَيَكُونُ لَهَا مِنْهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَالْبَاقِي بَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ.
(وَالْجَوَابُ) أَمَّا كَوْنُهُ لَهَا وَحْدَهَا فَبَاطِلٌ قَطْعًا لِتَضَافُرِ إقْرَارِهَا فِي مَجْلِسٍ حُكْمِيٍّ بِإِقْرَارِهَا السَّابِقِ الَّذِي قَالَهُ الْمُودَعُ، وَاَلَّذِي صَدَرَ مِنْهَا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ تَرِكَةً عَنْ زَوْجِهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ اخْتِصَاصِهَا بِهِ، وَنَقْطَعُ حُكْمَ يَدِهَا وَمَا تَدَّعِيهِ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى مِلْكِيَّتِهَا لِذَلِكَ.
فَإِنْ قُلْت إنَّمَا قَالَتْ الْآنَ أَنَّهَا قَالَتْ إنَّهُ لِابْنِهَا خَوْفًا. قُلْت إقْرَارُهَا بِإِقْرَارِهَا أَنَّهُ لِابْنِهَا إقْرَارٌ بِأَنَّهُ لِابْنِهَا، وَقَوْلُهَا خَوْفُهَا لَا يُزِيلُ حُكْمَهُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ كَذِبًا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُزِيلُ حُكْمَهُ وَإِنْ كَانَ صِدْقًا فَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْخَوْفَ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَلَا يُزِيلُ حُكْمَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَرَضٌ مِنْ الْأَعْرَاضِ لَا يُزِيلُ حُكْمَ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْأَقَارِيرِ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَالْمُؤَاخَذَةُ بِهِ وَاجِبَةٌ شَرْعًا سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُقَرُّ بِهِ صَحِيحًا أَمْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ الَّتِي لَمْ يُكَلِّفْنَا الشَّرْعُ بِحُكْمِهَا.
وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ لَمْ تَدَّعِ الْإِكْرَاهَ الْمَانِعَ مِنْ الْقَبُولِ الشَّرْعِيِّ، وَلَوْ ادَّعَتْهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمُورٍ تَقْتَضِي تَصْدِيقَهَا فِيهِ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ تَرْسِيمٍ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَظَهَرَ الْقَطْعُ بِبُطْلَانِ الْحُكْمِ بِكَوْنِ هَذَا الْمَالِ لَهَا وَحْدَهَا وَأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ وَظَهَرَ الْقَطْعُ بِتَكْذِيبِهَا فِي دَعْوَاهَا ذَلِكَ وَأَعْنِي بِالْقَطْعِ بِتَكْذِيبِهَا الْقَطْعَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ بِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ صَادِقَةٌ إلَّا أَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ لِأَنَّهُ مِنْ السَّرَائِرِ الَّتِي اللَّهُ مُتَوَلِّيهَا لِعَدَمِ الطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ إلَيْهَا وَأَمَرَ الشَّارِعُ بِالْحُكْمِ الظَّاهِرِ الْمُخَالِفِ لَهَا لِحُصُولِ ظُهُورِ الشَّرْعِيِّ فَنَحْنُ فِي امْتِثَالِ أَمْرِ الشَّرْعِ مُكَلَّفُونَ بِطَرِيقِهِ لَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلِلَّهِ أَنْ يَقْطَعَ حُكْمَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَيَحْكُمَ بِالتَّكْلِيفِ الظَّاهِرِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَإِنْ خَالَفَ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَالْأَحْكَامُ إنَّمَا هِيَ تَبَعٌ لِلْأَمْرِ مِنْ الشَّارِعِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - فَهُوَ مَالِكُ الْأَمْوَالِ وَالْأَبْدَانِ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا كَمَا يَشَاءُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ.
(فَصْلٌ) الْيَدُ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَلَكِنَّهَا قَدْ تَنْفَرِدُ بِمَا يَدَّعِي عَلَيْهَا بِهِ وَقَدْ لَا تَنْفَرِدُ كَأَمِينِ الْأَيْتَامِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَهُ وَأَنَّهُ لِلْأَيْتَامِ فَإِنْ لَمْ نَتَحَقَّقْ دُخُولَ شَيْءٍ لِلْأَيْتَامِ تَحْتَ يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ إذَا تَحَقَّقْنَا وَلَكِنْ هُوَ غَيْرُ الْعَيْنِ الْمُتَنَازَعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute