للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا.

أَمَّا إذَا احْتَمَلَ كَمَا إذَا تَحَقَّقْنَا دُخُولَ أَلْفِ دِرْهَمٍ مَثَلًا لِلْأَيْتَامِ فِي يَدِهِ وَجَدْنَا عِنْدَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ. فَقَالَ هِيَ لِي وَاحْتَمَلَ ذَلِكَ وَاحْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ هِيَ عَيْنُ الْأَلْفِ الَّتِي لِلْأَيْتَامِ كَيْفَ يُقَالُ هُنَا أَنَّ الْيَدَ دَلِيلُ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا هِيَ دَلِيلٌ أَنَّهَا بِحَقٍّ وَكِلَاهُمَا حَقٌّ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهَا وَإِلَّا فَهِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَيْتَامِ وَتَصِيرُ يَدُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْأَلْفُ فِي يَدِ شَخْصَيْنِ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ شَخْصَيْنِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمَأْخَذُ فِي مُشَاطَرَةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعُمَّالَ فَإِنَّ الْعَامِلَ إذَا دَخَلَتْ الْأَمْوَالُ الَّتِي فِي عَمَلِهِ فِي يَدِهِ صَارَتْ يَدُهُ كَيَدَيْنِ: إحْدَاهُمَا كَيَدِ نَفْسِهِ وَالْأُخْرَى يَدُ أَصْحَابِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ.

فَإِذَا جُهِلَ الْحَالُ جُعِلَتْ الْأَمْوَالُ بَيْنَهُمَا، فَهَذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الِاحْتِمَالِ فِي مُشَاطَرَةِ عُمَرَ الْعُمَّالَ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ أَحَدٍ وَلَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ لَا يَدْرِي كَيْفَ الْحَالُ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ سَبَبَهُ أَنَّهُ رَأَى أَنَّهُمْ اتَّجَرُوا وَاكْتَسَبُوا بِجَاهِ الْعَمَلِ فَجَعَلَهُمْ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَعْلَمُ مِنَّا وَأَتْقَى لِلَّهِ، وَأَعْرَفُ بِكُلِّ خَيْرٍ وَأَقْوَمُ بِكُلِّ هُدًى وَحَقٍّ.

وَإِنَّمَا غَرَضُنَا ذِكْرُ وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلْنَسْتَفِدْ، وَلْنَبْحَثْ عَنْهُ وَقَدْ اقْتَضَى نَظَرِي عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ بِانْفِرَادِهِ بِذَلِكَ بَلْ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ يَحْلِفُ هُوَ عَلَى النِّصْفِ لَهُ وَتَبْقَى الْيَمِينُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْيَتِيمُ فَيَحْلِفَ، وَهَكَذَا إذَا كَانَ وَصِيٌّ عَلَى يَتِيمٍ مُعَيَّنٍ قَدْ قَبَضَ لَهُ شَيْئًا ثُمَّ وُجِدَ فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَتَنَازَعَا فِيهِ.

وَهَكَذَا عَامِلُ الْقِرَاضِ يَتَنَازَعُ هُوَ وَالْمَالِكُ لَكِنْ هُنَا الْقَوْلُ قَوْلُ عَامِلِ الْقِرَاضِ لِأَنَّ الْعَامِلَ ائْتَمَنَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَصْدِيقُهُ وَكَذَا الْمُودَعُ يَجِبُ عَلَى الْمُودِعِ تَصْدِيقُهُ لِائْتِمَانِهِ إيَّاهُ وَإِنَّمَا الْبَحْثُ الَّذِي بَحَثْنَاهُ فِي الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَفِي أَمِينِ الْأَيْتَامِ وَفِي الْعُمَّالِ وَفِي الْأَوْصِيَاءِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَائْتِمَانُ الْحَاكِمِ لَهُمْ لَيْسَ كَائْتِمَانِ الْمَالِكِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ تَصْدِيقُهُمْ بَلْ حُكْمُ الْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مُنْسَحِبٌ عَلَيْهِمْ فَإِنْ صَدَّقْنَاهُمْ فِي الْعَيْنِ قَبِلْنَا قَوْلَهُمْ فِيمَا يَدَّعُونَ أَنَّهُ لَهُمْ دُونَ الْأَيْتَامِ وَالْمُوصَى عَلَيْهِمْ وَعُمَّالِهِمْ، وَإِنْ لَمْ نُصَدِّقْهُمْ جَعَلْنَا مَا بِأَيْدِيهِمْ مِمَّا يَحْتَمِلُ الِاشْتِرَاكَ كَالْمُشْتَرَكِ.

وَلَمْ أَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَقْلًا إلَى الْآنِ وَلَعَلِّي أَجِدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>