غَيْرُهُ فَإِنْ اعْتَمَدْنَا إقْرَارَهَا لِابْنِهَا أَوْ إقْرَارَهَا أَنَّهُ مُخَلَّفٌ عَنْ زَوْجِهَا فَلَا تَنْفَرِدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ نَعْتَمِدْهُ وَكَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَهَا وَقَدْ قُلْنَا: إنَّ نَظِيرَهُ يَلْزَمُهَا فَيُوجَدُ لِلظَّفْرِ بِهِ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ فَقَدْ ظَهَرَ الْقَطْعُ عَلَى كُلِّ التَّقَادِيرِ بِعَدَمِ تَمْكِينِهَا مِنْهُ.
(فَصْلٌ) لَوْ اشْتَبَهَ عَلَى حَاكِمٍ وَحَكَمَ بِهِ لِلْمَرْأَةِ عَلَى انْفِرَادِهَا بِمُقْتَضَى يَدِهَا نُقِضَ حُكْمُهُ، وَهَذَا لَيْسَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ وَهُوَ أَوْلَى بِالنَّقْضِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا يُنْقَضُ قَضَاءُ الْقَاضِي إذَا خَالَفَ النَّصَّ أَوْ الْإِجْمَاعَ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ أَوْ الْقَوَاعِدَ الْكُلِّيَّةَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اجْتَهَدَ.
وَالْإِقْدَامُ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ عَنْ اجْتِهَادٍ بَلْ عَنْ جَهْلٍ وَاشْتِبَاهٍ فَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ أَوْ يَكُونُ حُكْمًا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ الشَّرِيعَةِ مِنْ الْحُكْمِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ.
(فَصْلٌ) وَأَمَّا الْحُكْمُ بِكَوْنِهِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَرَثَةِ زَوْجِهَا وَهُمْ وَلَدُهَا الَّذِي هُنَا وَالْبَقِيَّةُ الَّذِينَ فِي بِلَادِ الْعَجَمِ. هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إنْ سَلِمَ عَنْ الرِّيبَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهَا أَنَّهُ مُخَلَّفٌ عَنْ زَوْجِهَا مَعَ ثُبُوتِ إرْثِ الْمَذْكُورِينَ مِنْهُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهَا مِنْ الْمَالِ نِصْفُ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يُعَارِضْهُ إقْرَارُهَا لِابْنِهَا، وَالْبَاقِي مَقْسُومٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ وَهُوَ أَيْضًا مُقْتَضَى جَوَابِ وَكِيلِ الشَّخْصِ الَّذِي فِي يَدِهِ الْوَدِيعَةُ لِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ. وَأَجَابَ بِأَنَّهُ لِوَرَثَةِ مُغَلْطَايَ، وَاسْتَفْسَرُوهُ عَنْ الْإِيدَاعِ فَلَمْ يُجَاوِبْ عَنْهُ.
قُلْت لَا يَلْزَمُهُ الْجَوَابُ وَلَوْ أَجَابَ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ أَوْدَعَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمٌ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ لَوْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ فِيهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ لِمُعَيَّنٍ وَهُمْ وَرَثَةُ مُغَلْطَايَ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِهِ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّهُ مِنْ جِهَةِ هَذِهِ وَدِيعَةٌ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُبْطِلًا حَقَّ الْمُقَرِّ لَهُمْ لِسَبْقِهِ فَلَا الْتِفَاتَ إلَى قَوْلِهَا الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ بَعْدَهُ.
وَهَذَا عِنْدِي لَا شَكَّ فِيهِ إذَا تَقَدَّمَ الْإِقْرَارُ بِهِ لِلْوَرَثَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي جَوَابِ الْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ الْإِقْرَارُ بِالْإِيدَاعِ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ إنَّهَا قَالَتْ إنَّهُ مِنْ تَرِكَةِ زَوْجِهَا فَيَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى بَيِّنَةٍ، وَإِذَا كَانَ الْمُودَعُ أَهْلًا لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَقَدْ أَتَى بِالْمَالِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَيَخْلُصُ مِنْهُ فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُثْبِتَ ذَلِكَ شَهَادَتَهُ مَعَ يَمِينِ الشَّخْصِ إنْ كَانَ بَالِغًا أَوْ يُؤَخِّرَ إلَى أَنْ يَبْلُغَ فَيَحْلِفَ مَعَ شَهَادَةٍ وَيَثْبُتُ لَهُ، وَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ لَمْ يَتَرَاخَ الْإِقْرَارُ لِلْعَدِّ بِهِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute