للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَالُ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ كَانَ مِنْهَا وَلَكِنَّهُ اخْتَصَّ بِهِ الِابْنُ الْمَذْكُورُ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ كَقِسْمَةِ حَاكِمٍ أَوْ نَحْوِهَا، وَقَدْ قَالَ الْمُودَعُ: إنَّهَا قَالَتْ هُوَ لِابْنِي مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِظَنِّهَا أَنْ لَا وَارِثَ مَعَهَا سِوَاهُ، وَتَكُونَ قَدْ أَخَذَتْ نَصِيبَهَا وَبَقِيَ هَذَا لَهُ. وَهَذَا كُلُّهُ فَرْعُ قَبُولِ الْمُودَعِ عَلَيْهَا، وَهُوَ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ وَيَحْتَاجُ أَيْضًا فِي الْحُكْمِ لِلْوَرَثَةِ الْغَائِبِينَ إلَى اتِّصَالِ ثُبُوتِ حَاكِمِ تِلْكَ الْبَلَدِ.

وَقَدْ حَصَلَ اتِّصَالُهُ إلَى نَائِبِي وَعِنْدِي نَظَرٌ فِي الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ أَنَّ ذَلِكَ الْحَاكِمَ لَهُ وِلَايَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَإِنَّ فِي هَذِهِ الْبِلَادِ نَحْنُ نُنَفِّذُ أَحْكَامَ الْحُكَّامِ الَّذِينَ عَلِمْنَا وِلَايَتَهُمْ وَاَلَّذِينَ اسْتَفَاضَ عِنْدَنَا وِلَايَتُهُمْ وَمَا يَزَالُ فِي نَفْسِي شَيْءٌ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَكَلَّمُوا فِي الْإِشْهَادِ عَلَى وِلَايَةِ الْقَاضِي وَالِاكْتِفَاءُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ فِي وُجُوبِ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ عَلَى أَهْلِ بَلَدِ وِلَايَتِهِ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ تَصْرِيحًا بِالْكَلَامِ فِي اتِّصَالِ ذَلِكَ بِحَاكِمٍ آخَرَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحُكْمَ بِتَنْفِيذِ حُكْمِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى ثُبُوتِ وِلَايَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي يُرِيدُ التَّنْفِيذَ بِحُكْمِهِ.

فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ سَمِعْت لَفْظَ مَنْ وَلَّاهُ مِنْ إمَامٍ أَوْ قَاضٍ لَهُ تَوْلِيَتُهُ فَذَاكَ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُ الْبَيِّنَةِ الِاسْتِفَاضَةَ خُرِّجَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

وَفِي ثُبُوتِ وِلَايَةِ الْقَضَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَصْلًا وَلَكِنْ اسْتَفَاضَ عِنْدَ الْقَاضِي فَهَلْ لَهُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ جَزْمًا أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ جَزْمًا أَوْ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ؟ لَمْ أَرَ لِلْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا بِذَلِكَ؛ وَالْأَقْرَبُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلُ عَلَى الِاكْتِفَاءِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ تَفْرِيعًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَعَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْعِلْمِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا خِلَافٌ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الْقُضَاةِ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ وَلَا تَكَلَّمَ فِيهِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْقُضَاةِ الَّذِينَ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ الْبِلَادِ وَكَذَا قَاضٍ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا اسْمُهُ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ وَاشْتُهِرَ عِنْدَنَا أَهْلِيَّتُهُ.

أَمَّا حُضُورُ مَكْتُوبٍ مِنْ قَاضٍ لَا يُعْرَفُ فِي بِلَادٍ بَعِيدَةٍ فَقَبُولُهُ وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ التَّوَقُّفِ وَشَهَادَةُ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا فِي الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قَاضٍ فِي قَبُولِهَا نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ قَبُولُهَا إذَا قُلْنَا نَكْتَفِي بِالِاسْتِفَاضَةِ لَكِنْ يَحْتَاجُ مَعَهَا إلَى مَعْرِفَتِنَا بِالْأَهْلِيَّةِ فَهَلْ إذَا جَهِلْنَاهَا يُكْتَفَى بِكَوْنِهِ مُنْتَصِبًا لِلْقَضَاءِ وَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا تَقْتَضِيهِ، كَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>