وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ؛ لِأَنَّهُ غَرْسٌ فِي مِلْكِهِ وَالْمَزْرُوعَةُ بِزَرْعٍ يُسْتَخْلَفُ كَالْمَغْرُوسَةِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَتَسْتَحِقُّ إبْقَاءَ الزَّرْعِ.
وَفِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ لِإِبْقَاءِ الزَّرْعِ الَّذِي لَا يُسْتَخْلَفُ وَجْهَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا عَدَمُ الْوُجُوبِ وَالدَّارُ الْمَشْحُونَةُ بِأَمْتِعَةِ الْبَائِعِ يَصِحُّ بَيْعُهَا جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِالتَّسْلِيمِ عَقِيبَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ فَلَيْسَ فِي الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ إلَّا اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةٍ وَلَا يَدٌ حَائِلَةٌ وَلَا تَأَخُّرُ اشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ التَّسْلِيمِ عَقِيبَ الْعَقْدِ وَالْمُسْتَأْجَرَةُ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ وَالْيَدُ الْحَائِلَةُ؛ فَجَرَى الْقَوْلَانِ وَالْمُسَاقَاةُ عَلَيْهَا كَذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا أَوْلَى بِالصِّحَّةِ فَإِنَّ يَدَ الْعَامِلِ لَيْسَتْ حَائِلَةً فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ يُشَارِكُ الْمَالِكُ فِي الْيَدِ أَوْ يَعْمَلُ فِي يَدِهِ، وَالْمَغْرُوسَةُ وَالْمَزْرُوعَةُ لَيْسَ فِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّ الْمَزْرُوعَةَ فِيهَا خِلَافٌ وَاتَّفَقُوا فِي الْمَغْرُوسَةِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْيَدِ الْحَائِلَةِ بِدُونِ اسْتِثْنَاءِ مَنْفَعَةٍ فَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: إنَّ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَضَمَّنَ أُمُورًا:
(أَحَدُهَا) مَا حَكَاهُ عَمَّنْ نَسَبَهُ إلَى الْغَفْلَةِ بِسَبَبِ تَخْرِيجِ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهَا عَلَى الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَقَدْ ظَهَرَ صِحَّةُ التَّخْرِيجِ وَيَزْدَادُ ظُهُورًا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَالثَّانِي) قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَامِلَ اسْتَحَقَّ جُزْءًا مِنْ الثَّمَرَةِ الَّتِي بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ تَكُونَ لِلْبَائِعِ، هَكَذَا نَقَلْته مِنْ كِتَابِهِ بِخَطِّهِ.
وَالثَّمَرَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَتْ مُؤَبَّرَةً فَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّ صَاحِبَ التَّهْذِيبِ قَالَ بِالصِّحَّةِ فِيهَا وَفِيمَا قَبْلَهَا بَعْدَ وُجُودِ الثَّمَرَةِ، وَتَشْبِيهِهَا بِالْإِجَارَةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ تِلْكَ الْحَالَةِ وَقَبْلِهَا وَبَعْدِهَا إلَّا انْقِضَاءَ الْمُدَّةِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ بِخَطِّهِ لَكُنْت أَقُولُ: إنَّ النَّاسِخَ غَلِطَ فِي قَوْلِهِ: لِلْبَائِعِ، وَيَكُونُ مَوْضِعُهَا " لِلْمُشْتَرِي " وَلَوْ قَالَ كَذَلِكَ لَكَانَ مُوَافِقًا لِصَاحِبِ التَّهْذِيبِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَا قَبْلَ وُجُودِ الثَّمَرَةِ وَبَعْدَهَا وَلَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِمَنْ يُخْرِجُهَا عَنْ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُنَافِيَةٌ لِلْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ فَلَوْ سَكَتَ عَنْ هَذَا التَّعْلِيلِ وَنَقَلَ الْحُكْمَ مُجَرَّدًا سَلِمَ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ إذْ هَذَا كَلَامٌ لَا يَلْتَئِمُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ سَوَاءً قَالَ لِلْبَائِعِ أَمْ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ حَالِهِ وَحَالِهِ، وَالْإِلْحَاقُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ ثُمَّ هُوَ لَا يُلَائِمُ الْمَأْخَذَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ اسْتِحْقَاقِ حَقِّ الْعَامِلِ الْأَجْر اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ حَقَّ الْحَبْسِ.
(الْأَمْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute