للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزنا ومعنى (وفيها ما يدل على استحباب تسميتها) وهو حديث سفيان الثمار عند البخاري أنه رأي قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما، وتقدم في الزوائد، وإلى استحباب تسنيمها ذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية) (قال الحافظ وادعى القاضي حسين اتفاق الأصحاب عليه، وتعقب بأن جماعة من قدماء الشافعية استحبوا التسطيح كما نص عليه الشافعي، وبه جزم الماوردي وآخرون، وقول سفيان التمار لا حجة فيه كما قال البيهقي، لاحتمال أن قبره صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأول مسنما؛ فقد روى أبو داود والحاكم من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر "قال دخلت على عائشة فقلت يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت له عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرضة الحمراء" (أي مفروشة بحصباء الموضع المعروف بالعرضة الحمراء، والبطحاء في الأصل مسيل واسع فيه دقاق الحصا، والمراد به هنا الحصا لإضافته إلى العرضة، وهي كل موضع واسع لا بناء فيه) زاد الحاكم "فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم" وهذا كان في خلافة معاوية، فكأنها كانت في الأول مسطحة ثم لما بني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة، وقد روى أبو بكر الآجري في كتاب صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من طريق اسحاق بن عيسى عن بنت داود بن أبي هند عن غنيم بن بسطام المديني قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم في أمارة عمر بن عبد العزيز فرأيته مرتفعا نحوا من اربع أصابع، ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره، ورايت قبر عمر وراء قبر أبي بكر اسفل منه، ثم الاختلاف في ذلك في أيهما أفضل لافي أصل الجواز، ورجع المزني التسنيم من حيث المعني بأن المسطح يشبه ما يصنع للجلوس بخلاف المسنم، ورجحه ابن قدامة بأنه يشبه أبنية أهل الدنيا وهو من شعار أهل البدع فكان التسنيم أولى، ويرجح التسطيح ما رواه مسلم من حديث فضالة بن عبيد أنه مر بقبر فسوي، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها أهـ وقد جمع البيهقي بين روايتي التسنيم والتسطيح بأنه كان أولا مسطحا كما قال القاسم بن محمد، ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد ابن عبد الملك أصلح فجعل مسنما، قال وحديث القاسم أولى وأصح والله أعلم أهـ، وقد اتفق الأئمة رضى الله عنهم على ارتفاع القبر نحو شبر عن الأرض ومازاد على ذلك فهو بدعة ذميمة مخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه، فما يفعله الناس الآن من تشييد القبور وبناء القباب والمساجد والبيوت عليها حرام لا يجوز فعله، لا سيما إذا كانت المقبرة مسبلة (قال الشافعي) رحمه الله في الأم ورأيت من الولاء من يهدم ما بنى فيها، قال ولم أر الفقهاء يعيبون عليه ذلك، ولأن في ذلك تضييقا على الناس أهـ (وقال الشوكاني) رحمه الله والظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>