للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا


اثبت في أبيه من مولاه نافع فدار الحديث ورجع الى نقل كعب الاحبار عن كتب بني اسرائيل والله أعلم (ثم ذكر الحافظ ابن كثير) رحمه الله جملة آثار وردت في ذلك عن الصحابة ثم قال (وأقرب ما ورد في ذلك) ما قال ابن أبي حاتم أخبرنا عصام بن رواد أخبرنا آدم أخبرنا أبو جعفر حدثنا الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما وقع الناس من بعد آدم عليه السلام فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء يا رب هذا العالم الذي انما خلقتهم لعبادتك وطاعتك وقد وقعوا فيما وقعوا فيه وركبوا الكفر وقتل النفس وأكل المال الحرام والزنا والسرقة وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم فقيل انهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم اختاروا من أفضلكم ملكين آمرهما وانهاهما فاختارا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهيا عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمن ادريس عليه السلام وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب وانهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت هذا أعبده فقالا لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فعبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما اختارا أحد الحلال الثلاث اما أن تعبدا هذا الصنم واما أن تقتلا هذه النفس واما ان تشربا هذه الخمر فقالا كل هذا لا ينبغي وأهون هذا شرب الخمر فأخذت فيهما فواقعا المرأة فخشيا ان يخبر الانسان عنهما فقتلاه فلما ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا به من الخطيئة أرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا وحيل بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه فعجبوا كل العجب وعرفوا انه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة؟ فقالا أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان (قال الحافظ ابن كثير) وقد رواه الحاكم في مستدركه مطولا عن ابي زكريا العنبري عن محمد بن عبد السلام عن اسحاق بن راهوية عن حكام بن مسلم الرازي وكان ثقة عن أبي جعفر الرازي به ثم قال صحيح الاسناد ولم يخرجاه فهذا أقرب ما روى في شأن الزهرة والله أعلم قال وقد روى في قصة هاروت وماروت جماعة من التابعين كمجاهد والسدى والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن انس ومقاتل بن حيان وغيرهم وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني اسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا اطناب فيها فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال اهـ (قال العلامة) السيد محمد رشيد رضا في تعليقه على هذه القصة قال هذا هو الحق وجميع تلك الروايات

<<  <  ج: ص:  >  >>