للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[ما جاء في كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه]-

(٣٤٣) وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك رضي الله عنه لما تاب الله عليه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إن الله لم ينجني إلا بالصدق، وإن من توبتي إلى الله أن لا أكذب أبدًا، وإني أتخلع من مالي صدقة لله تعالى ورسوله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمسك عليك بعض مالك فإنه خير لك قال فإني أمسك سهمي في خيبر.


متهمًا بالنفاق أو رجلًا ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم: ما فعل كعب بن مالك، فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه، أي ليس له من عذر يمنعه عن مرافقتنا في الغزو إلا إعجابه بنفسه ولباسه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاءه المخلفون من أهل النفاق، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، فقبل منهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، وجاء كعب فقال يا رسول الله، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك، وكان على مثل حاله رجلان صالحان ممن شهدا بدرًا قيل لهما مثل ما قيل له، وهما مرارة بن ربيعة، وهلال بن أمية، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلام هؤلاء الثلاثة من بين المتخلفين عقوبة لهم حتى يقضي الله فيهم، قال كعب فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا، وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة؛ وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا، وبعد أربعين ليلة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزال نسائهم، قال كعب فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة، ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل، قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوتًا على جبل سلع يقول. يا كعب بن مالك أبشر فخررت ساجدًا، وعرفت أم قد جاء فرج، وقد كان أعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فلما جاءني الذي سمعت صوته على جبل سلع يبشرني، نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشارته، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت المسجد، فسلمت عليه، ووجهه يبرق من السرور، ويقول أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله، أن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك، قال فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال وقلت يا رسول الله، إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقًا ما بقيت، قال فأنزل الله عز وجل "لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار" الآيات إلى قوله "وكونوا مع الصادقين".
(٣٤٣) (سنده) (١) ثنا روح ثنا ابن جريج قال أخبرني ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الخ وعبد الرحمن يروي عن جده وأبيه القصة (تخريجه) الحديث متفق عليه أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>