للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-[ما جاء في معاذ بن جبل رضي الله عنه]-

فلما فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا أو لعلك أن تمر بمسجدي هذا أو قبري فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفي رواية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبك يا معاذ للبكاء أوان، وأن البكاء من الشيطان" ثم التفت وأقبل بوجهه نحو المدينة فقال أن أولى الناس بي المتقرن من كانوا وحيث كانوا.

(٣٤٩) (وعن عمرو بن ميمون الأودي) قال: قدم علينا معاذ بن جبل اليمني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته من السحر رافعًا صوته بالتكبير أجش الصوت فألقيت عليه محبتي فما فارقته حتى حثوت عليه التراب بالشام ميتًا رحمه الله. ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت عبد الله بن مسعود فقال لي: كيف أنت إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير وقتها قال فقلت ما تأمرني إن أدركني ذلك قال صل الصلاة لوقتها، واجعل ذلك معهم سبحة.


ابن سعد عن عاصم بن حميد السكوتي أن معاذًا لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه النبي صلى الله عليه وسلم يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحته راحلته فلما فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري فبكى معاذ بن جبل جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبك يا معاذ لبكاء أوان، البكاء من الشيطان (غريبه) (١) أي بجوارها والظاهر أن ركوبه هذا كان بأمر منه صلى الله عليه وسلم وقوله (فلما فرغ) أي النبي صلى الله عليه وسلم من وصيته التي وصى بها معاذًا وقوله (أو لعلك) كذا في المسند والظاهر التعبير بالواو كما في الرواية الثانية للحديث (٢) قال في النهاية الجشع الجزع لفراق الإلف ومنه الحديث "فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم" (٣) قوله "وفي رواية" تقدمت بإسنادها ومتنها بعد ذكر مسند الحديث (٤) يشير بذلك إلى أن فراقه إياه لا يؤثر في الصلة والمحبة ما دامت التقوى في الصدر فالمتقون أقرب الناس إليه صلى الله عليه وسلم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفيه تسلية لمعاذ رضي الله عنه.
(تخريجه) قال الشيخ رحمه الله أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنادين ورجال الإسنادين رجال الصحيح غير راشد بن سعد وعاصم بن حميد وهما ثقتان اهـ وقد مر الحديث في باب ما جاء في بعث معاذ من حوادث السنة العاشرة في ص ٢١٥ من الجزء ٢١ وأورده البيهقي في الجنائز وقال رواه البزار ورجاله ثقات ورواه الطبراني في الكبير.
(٣٤٩) (٥) (سنده) ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية حدثني عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال الخ (غريبه) (٦) السحر بفتحتين آخر الليل قبيل الفجر (٧) غليظ الصوت وهو بفتح الهمزة والجيم وتشديد الشين المعجمة (٨) كذا بخط الشيخ رحمه الله أفعل تفضيل من الفقه وكذا الرواية في سنن أبي داود ولكنها في المسند (إلى أنف الناس بعده) ومعناها مستقيم فقد ذكر في القاموس من معاني الأنف السيد قال وأنف كل شيء أوله وبناء عليه فالمقصود هو: ثم نظرت إلى سيد الناس بعد معاذ أو إلى أولهم في الفقه والتزام السنة فإذا هو عبد الله بن مسعود (٩) أي لغير وقتها المختار كما هو الواقع منهم وقوله سبحة بالضم أي نافلة (تخريجه) رواه أبو داود في باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت من كتاب الصلاة حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الوليد

<<  <  ج: ص:  >  >>